تفاقمت في المدة الأخيرة، وفي عديد البيوت عبر تراب ولاية تمنراست، الحوادث المنزلية القاتلة، والمتمثلة في أخطاء الأمهات جراء التهاون في حفظ المنظفات والمواد الكيمائية بعد استعمالها، خاصة المنظفات الكيمائية الخطيرة، من أجل تنظيف الأجهزة المنزلية ودورات المياه المنزلية. إذ أن الإهمال في ترك هذه الأحماض في متناول الأطفال دون غلق العبوة جيدا أو حفظها في عبوات أخرى بديلة، هي في الأصل زجاجات للعصير أو الماء المعدني، ما يوحى للأطفال أنها مشروبات، فيشربون منها، فتحدث الكارثة بعد ذلك، في ظل الإشغالات الكثيرة للأمهات. والأرقام المأخوذة من مصلحة الاستعجالات بمستشفى تمنراست، تؤكد أنهم يوميا يستقبلون حالات للأطفال يفوق عددها ثلاث حالات إلى أربع خلال الأسبوع الواحد، تعرضوا لمضاعفات صحية خطيرة، نتيجة تناولهم لمواد كيمائية في بيوتهم، وتتراوح أعمار الأطفال الضحايا بين عامين وأربع سنوات، الأغلبية منهم شربوا مواد تستعمل في النظافة، كالمكشط وروح الملح، أو بعض السوائل المستعملة في ملء البطاريات الخاصة بالسيارات، كحمض ''الأسيد'' ورغم إنقاذ حياتهم إلا أنهم يعشون معاناة صحية متواصلة، والخطأ الأكبر بحسب الدكتور زيزاح، أن الأمهات بعدما يشرب الطفل هذه المنظفات الخطيرة يقمن بمنحه زيت المائدة أو العصير أو أحماض كالخل وعصير الليمون، ما يؤدي إلى مضاعفات كبيرة خاصة إذا كان مستوى احتراق المريء كاملا، وأن الالتهاب على مستوى البلعوم والمعدة وصل إلى حد درجة متقدمة. والأطباء ينصحون في هذه الحالات بسرعة نقل الطفل إلى أقرب مركز صحي، دون منحه أي مشروب، وكذلك عدم إجبار الطفل على التقيؤ. إحدى الأمهات قالت، إنها بقيت بجانب طفلها الذي شرب محلول روح الملح الذي استعملته في تنظيف مجرى المرحاض، وبقيت مع طفلها المصاب بإحدى مستشفيات العاصمة المختص في العلاج أكثر من ستة أشهر، عاشت فيها الجحيم جراء عذاب الضمير، لأن الطفل كان يتناول الغذاء والماء عن طريق أنبوب موصول بالمعدة مباشرة، نتيجة الالتهاب الحاد بالبلعوم، واليوم ورغم مرور عشر سنوات عن الحادثة إلا أن ابنها لا يزال يعاني مضاعفات جانبية وصعوبة في النطق، ويبقى المختصون يصرّون على أن أهم وسيلة هي الوقاية، وتقدم نصيحة للأمهات، أن يقمن بحفظ هذه المنظفات في أماكن مغلقة وبعيدة، وليس في متناول الأطفال لأن الخطأ قد يكون ثمنه حياة أعز ما نملك، والمطلوب من المؤسسات المنتجة لهذه الأحماض الخطيرة وضع مغلاق محكم لهذه العبوات.