مُشكلة حقيقية تُثير سخط المواطنين والصيادلة على حدّ سواء، تتعلق بالأخطاء المتكررة التي ترتكب في بيع الأدوية الموصوفة للمرضى نتيجة عدم الفهم في إعطاء الدواء المناسب وهو ما قد يُفاقم حالة المريض ويدفع بها من السيئ نحو الأسوإ في حالة ما إذا تم تقديم دواء خاطئ. أصبحت خطوط الأطباء على اختلاف اختصاصاتهم، تخلق مشاكل بالجملة لدى الصيادلة والمرضى معا، وذلك بسبب الخط غير المفهوم والخارج عن صفة الوضوح، فلا تستطيع أي عين قراءته إلا إذا كانت عين طبيب، وهو ما يوقع الصيادلة أحيانا في أخطاء كثيرا ما تحيل المرضى إلى كوارث صحية، حيث يقدّمون أدوية غير المذكورة في الوصفات الطبية باعتبارهم لم يفهموها ولم يفقهوا فيها شيئا، وقد صادفنا العديد من الحالات الذين صرّحوا بأنهم كادوا أن يصابوا بأمراض خطيرة ومزمنة نتيجة الأدوية التي تلقوها وليس لها علاقة بالأمراض التي يعانون منها، لكنهم لا يوقعون اللوم في ذلك على الصيادلة، وإنما على الأطباء الذين يكتبون الوصفات بخط غير مفهوم بتاتا، وكأنّه طلاسم يصعب حلّها، من دون مراعاة إمكانية الصيادلة في قراءتها أم لا، فالكثير من الأطباء يكتبون وصفات طبية تظهر منها الخطوط المنحنية دون بروز واضح للكلمات ولا عن بداية الكلمة ونهايتها، حتى إنّ بعض الصيادلة أقسموا لنا أنهم في بعض الأحيان يحتارون ويتساءلون حول نهاية الوصفة ما إذا كانت توقيع الطبيب أم إنها جزء من وصفته الدوائية.
هلاك سيدة بسبب الخط غير الواضح في الوصفة ومتابعة صيدلي بالقضية ومن بين الذين تعرضوا للموت المحقق بفعل هذه الأخطاء التي تقع في الوصفات الطبية بسبب كتابتها بالقلم، عوض تدوينها إلكترونيا وطبعها والاحتفاظ بنسخة منها وتقديمها للمريض، السيدة التي هلكت قبل أشهر قليلة بولاية قسنطينة، في الخمسينيات من عمرها، تاركة خلفها 3 أولاد، وذلك بعد تناولها أدوية لم تتلاءم مع حالتها المرضية، واتهم فيها صيدلي بوسط المدينة، قام ببيع دواء غير ذلك المدون في الوصفة الطبية، وذلك لأنه لم يفهم خط الطبيب الذي كتب الوصفة، لهذا فالمرضى والصيادلة يطالبون وزارة الصحة بالتدخل وإلزام الأطباء كتابة الوصفات الطبية إلكترونيا والتخلي عن كتابتها بالطريقة التقليدية نظرا إلى الأخطاء التي وقعت فيها، وهذه الحالة تعتبر واحدة من عشرات الحالات التي تتعرض لأخطار جسيمة تصل حد الوفاة، بسبب خط الأطباء غير الواضح، فلا أحد يملك معلومات أو أرقاما عن أخطاء صرف الوصفات الطبية في الجزائر، رغم أن هناك الآلاف من المرضى تناولوا أدوية بديلة غير تلك الموصوفة لهم من الأطباء، تحت الاستهلاك الكبير للأدوية. ويناشد المرضى وزارة الصحة توفير حواسيب في مؤسسات الصحة العمومية والمستشفيات، من أجل استخدامها في كتابة الوصفات الطبية، وهو مطلب ملح منذ سنوات، فحتى أصحاب الفايسبوك، فتحوا صفحات يعلقون فيها على الخطوط الرديئة التي تكتب بها الوصفات الطبية، وأقاموا حملات في كثير من الأحياء للمطالبة بإلزام الأطباء كتابة الوصفات الطبية إلكترونيا، لكن كل ذلك لم يُجد نفعا.
البروفيسور خياطي: على وزارة الصحة إلزام المستشفيات كتابة الوصفات إلكترونيا وللاستفسار أكثر عن موضوع الوصفات الطبية التي ما زالت تكتب بالطريقة التقليدية، اتصلنا بالبروفيسور مصطفى خياطي، الذي صرّح إلى "الشروق"، بأن وزارة الصحة أطلقت وعودا منذ سنوات، تعتزم فيها إدخال الإعلام الآلي إلى جميع المستشفيات الحكومية مع إلزامها بالوصفة الإلكترونية لصرف أدوية المرضى، بتنظيم محكم للعملية العلاجية وكيفية استهلاك الأدوية، خاصة بعدما اعتمد الطريقة العديد من الأطباء والعيادات الخاصة، لكن إلى غاية يومنا هذا، كما قال خياطي، لم نر شيئا من تلك الوعود، وأضاف أنه من المفروض أن جميع الأطباء يدونون الوصفة إلكترونيا ويحتفظون بنسخة منها، حتى لا تقع أخطاء قد تكون خطيرة على صحة وسلامة المرضى، وذكر خياطي أنّ إحصائيات الوفيات الذين هلكوا بسبب أخطاء الوصفات الطبية غير محدودة لكنها في تزايد مستمر، على حد قوله.