تشكل فئة المدخنين خطرا على بقية الصائمين في شهر رمضان، نظرا لتأثير النيكوتين عندهم، وتمثل هذه الشريحة نسبة 40 بالمئة من بين 36 مليون جزائري، يمكنها أن تخلق البلبة والعصاب بالأماكن العمومية وحتى داخل المنازل. * ويعتبر شهر رمضان أصعب فترة يجتازها المدخنون طيلة أيام السنة، لأنه الشهر الذي يضبط ولاعة التدخين بعد آذان المغرب إلى غاية لحظات قبل آذان الفجر، وهي فترة قصيرة جدا مقارنة مع ما كان متاحا لهم في الإفطار. * ويتأزّم الأمر أكثر لمّا يكون المدمن ممن يستهلكون علبة كاملة من السجائر في اليوم، كما هو الحال بالنسبة لحميد من العاصمة الذي لا تكفيه علبة واحدة من السجائر، بل يتعداها إلى بضعة سجائر أخرى ينهي بها نشوة السفر خلف خيوط الدخان. * ويظهر انعكاس الحرمان من التدخين في الشجارات التي تحدث في الأسواق لأتفه الأسباب، ويعترف حميد انه كان من بين أشهر مرتاديها، نظرا لتأثره بفقد السيجارة بين السبابة والوسطى وما تزيده به من صحوة تعينه على حياته اليومية. * ونفس الاعتراف يدلي به سليم الذي يبلغ من العمر 18 سنة، لكن تدخينه بدأ قبل أربع سنوات، ولأنه في أوج شبابه واندفاعه، فإن الشهر الفضيل يجعله كثير الحركة ويشعره أكثر بفقده العزيزة "السيجارة"، ويدفعه للدخول في خصومات لأتفه الأسباب. * ولعلّ شهادة أحد الباعة بشارع ببرج الكيفان أصدق تعبير عن هذه الحقائق، إذ قال "لديّ سنوات وأنا أعمل بهذا المتجر ولست بعيدا عن سوق للخضار، وأكثر الخصومات التي تحدث بالقرب مني، تكون لأتفه الأسباب من جهة، والمتسببون فيها هم من المدخنين من أبناء الحي من جهة أخرى". * وإن الشباب يظهرون انزعاجهم من هذا الحرمان القاسي في نظرهم ويفهم المحيطون بهم أسباب عصبيتهم، فإن الأمر يبقى خفيا بالنسبة لشريحة النساء المدخّنات، ممن يغالبن إظهار العاصب في حين أن آثار التدخين والتوقف عنه تبدو على تصرفاتهن وتنطلق بنرفزات غير مبرّرة، كما تقول لامية التي روت لنا قصّتها في أحد مطاعم شارع ديدوش مراد، حيث قالت "أتصرف بطريقة جنونية في الصباح، وأؤذي غيري إما بالكلام أو بالتصرفات، ولا أحتمل أن أرى أحدا أو أتعامل مع أي شخص، ولا أرتاح إلا مع آذان المغرب، حيث أتمكن من تدخين سيجارة تعيد إلي رشدي، وأعتذر بعدها للمحيطين بي عمّا بدر منّي". ولمّا سألناها عن تفهم المحيطين بها لهذا الأمر، قالت "أنا أسكن لوحدي وأستضيف بعض المقّرّبات مني في شهر رمضان أو بعض أقاربي ممن يتفهّمون وضعي، لذا أتمكن من التدخين بكل اريحية". * وربّما تعدّ لامية من بين "المحظوظات" ممن يرتحن بعد آذان المغرب بسيجارة تجب ما قبلها من غضب ونرفزة، فإن المئات من المدخنات يواصلن الصوم عن التدخين شهرا بأكمله، لأن الجو العائلي لا يسمح لهن بذلك، ولا يمكن اقتناص ذلك في الفترات الصباحية بسبب الصيام، وهذا ما يعكسنه في سوء تسيير الأعمال المنزلية وغيرها من الخلافات التى تنشأ في الأسر لأتفه الأسباب في رمضان. * دلولة حديدان * * المختصون يحذرون من الشراهة والتنويع غير المتوازن في الأكل * مائدة رمضان تتسبب في اضطرابات المعدة والقلب لدى ثلث الجزائريين * * أكثر من ثلث الجزائريين يصابون باضطرابات معدية وخلل في عمل القلب نتيجة الإكثار من الطعام على مائدة رمضان، هذا ما كشف عنه البروفيسور مصطفى خياطي الذي انتقد بشدة عقلية المواطنين الذين يتعاملون مع المعدة كأنها كيس يمكن أن يحوي كل شيء في حين بين المتحدث أن المعدة شيء حي يحتوي على خلايا وأنزيمات لها إفرازات متنوعة حسب كمية الطعام ونوعه، فكلما كان الطعام متنوعا كانت الإفرازات متنوعة وغزيرة مما يرهق عمل المعدة ويسبب خللا في وظيفتها وهذا ما يخلف العديد من الأمراض لدى المواطنين، خاصة في شهر رمضان المعظم، أين يقبل الناس على الأكل بشراهة بعد ساعات طويلة من الصوم مما يشكل خطرا على المعدة التي تعجز عن هضم الكم الهائل من الأطعمة والسوائل المتدفقة فيها، والتي تفوق بكثير حجم احتوائها الذي قدره المختصون بلتر ونصف، ثلثها للطعام وثلثها للماء وثلثها للهواء وهو ما لا يفقهه الكثير من الجزائريين الذين لا يقدرون العواقب الوخيمة التي تنجر وراء الإكثار من الطعام دفعة واحدة، مما يتسبب في كثرة الإفرازات التي ترهق المعدة وضيق في التنفس الذي ينجر عنه خلل في عمل القلب، وشدد المتحدث على ضرورة مراعاة القواعد الصحية في الأكل، خاصة في شهر الصيام الذي يمكن الاستفادة منه في علاج العديد من الأمراض، خاصة منها المعدية وهذا بتناول وجبة خفيفة أثناء الإفطار تتبعها وجبة خفيفة أخرى في الليل، ثم تأتي وجبة الصخور التي حث عليها الإسلام لمد الجسم بكمية من الطاقة تساعده على تحمل مشقة الصيام خلال النهار، ومن جهة أخرى أكد الشيخ محمد يحيى مختص في علوم الدين أن الإسلام نهى عن الإكثار من الطعام في رمضان نظرا لما قد ينجر عنه من أضرار صحية ونفسية وحتى دينية، فالمعدة الممتلئة تثقل الجسم وتصرفه عن أداء العبادات، خاصة صلاة التراويح التي تعد من أكثر السنن التي يحرص الجزائريون على أدائها في رمضان. * بلقاسم حوام * * شوارع بشار تتلون بألوان الشهر الفضيل * توابل وبهارات لا يعرفها المواطن إلا في رمضان * * تعرف هذه الأيام المساحات التجارية بمدينة بشار حركة غير مسبوقة من المواطنين لاقتناء مستلزمات شهر رمضان الفضيل ومعها تتجه أنظار النساء على الخصوص إلى محلات بيع التوابل والحبوب الجافة، لأنهن الأقدر على اقتناء الأجود والأنسب لإعداد أطباق الإفطار. * وتواجه الكثير من ربات البيوت مشكلة حقيقية في معرفة كل أصناف التوابل والبهارات التي يتطلبها إعداد طبق الحريرة أو الشربة أو حتى تلك العطور التي توضع في مشروب القهوة لزيادة نكهتها لاسيما عندما تريد الكثيرات اقتناء كل مادة على حدة، وإعدادها بالمنزل وتقول بعضهن إن السبب هو كثرة التوابل وتنوعها وتشابه أشكال ونكهة اغلبها، ناهيك على أن بعض التوابل والبهارات لا تستعمل إلا في رمضان مما يصعب على ربات البيوت التعرف عليها على غرار الهيل والكبابة التي توضع في القهوة وتبقى المسؤولية -حسب الزبائن - ملقاة على عاتق البائع بكل صنف بكتابة اسمه على العلب والصناديق. * وتجد بعض النساء في اقتناء ما يسمى براس الحانوت و لبزار وهي توابل محضرة من جميع الأصناف، أسهل طريقة رغم ما يمكن أن يشوب تلك المستحضرات من أعشاب خطرة وأتربة وأحجار صغيرة قد ترى بالعين المجردة بعد ما يتم سحقه. * من جنب آخر، تعرف بعض البقوليات الجافة إقبالا لكونها مواد أساسية في تحضير حريرة رمضان كما هو الحال بالنسبة للفاصوليا المجففة والمهروسة، والجلبانة الجافة أو ما يطلق عليه بالبوكاسي، ولا تعرف هذه الأنواع من الحبوب الجافة إقبالا إلا في رمضان بشهادة بعض الباعة الذين يستغلون كل ما خزنوه لسنة كاملة لعرضه أمام الزبائن في رمضان، لأنها الفرصة الوحيدة لترويج وبيع هذه الأصناف من البقوليات. * ح.فاطمة