وزير التجارة مصطفى بن بادة/ تصوير: يونس أوبعييش أكد وزير التجارة مصطفى بن بادة في حوار ل "الشروق" أن أسعار مختلف المواد الإستهلاكية سجلت إرتفاعا نسبيا في أول أيام الشهر الكريم، وسرعان ما تراجعت، ولن تعاود الإرتفاع مجددا طيلة رمضان بسبب الوفرة، مطالبا الجزائريين بتصحيح سلوكياتهم الإستهلاكية، فيما كشف الأسباب الحقيقية لعدم اقتناء الجزائر للحوم السودانية، وسر إقبال المتعاملين الإقتصاديين على صفقة اللحوم الهندية... وكشف عن موافقة المتعاملين في مجال الزيوت تحديد هوامش الربح، التي قال أنها عملية صعبة بالنسبة للسلع التي تستوجب تدخل الدولة وفق ما تسمح به التعديلات التي أدخلت على قانون المنافسة، كما عبر المسؤول الأول على قطاع التجارة على الإرادة القوية لدائرته الوزارية في تطهير التجارة الخارجية من الغشاشين، وإنهاء حالة الفوضى التي تطبع السوق الداخلية نتيجة لتصورات خاطئة أصدرتها مكاتب دراسة أجنبية خدمة لمصالح بلادها على حساب مصلحة الجزائر. المستهلك مطالب بفرض منطقه على السوق الأسعار ستواصل انخفاضها ولا مجال لإرتفاعها مجددا أكد وزير التجارة مصطفى بن بادة أن السوق سجلت بداية من اليوم الثالث لشهر رمضان المعظم إستقرارا في أسعار كل السلع الاستهلاكية، خاصة تلك التي تشهد إقبالا كبيرا عليها، في حين سجلت الأسعار تراجعا بداية من اليوم الخامس من رمضان، مستبعدا عودة الأسعار للارتفاع النسبي الذي سجلته خلال اليومين الأولين من الشهر، والذي اعتبره انعكاسا طبيعيا لارتفاع الطلب وقوته في نفس المكان والزمان، بسبب السلوك الاستهلاكي للجزائريين الذي مازال بعيدا عن الترشيد والعقلانية. وقال وزير التجارة أن منحى نشرية الأسعار التي ترفع للسلطات العليا للبلاد بصفة دورية، بينت أن الإقبال المكثف للجزائريين في نفس التوقيت على عملية الشراء، جعل الأسعار ترتفع، في حين لو سجلت السوق إقبالا منظما وبصفة متقطعة وعبر مراحل، لتمكن المواطن من فرض منطقه على التاجر وساهم في استقرار الأسعار، مشيرا الى أن الخرجات الميدانية التي قادته لأسواق الجملة أياما قليلة قبل أول أيام الشهر الفضيل، وقف فيها عند المستوى المعقول للأسعار. وأضاف محاورنا أنه يتعين على الجزائري تغيير سلوكياته الاستهلاكية، وتصويبها في الاتجاه الذي يمكنه من فرض منطقه والتحكم في السوق، على خلفية أن عدم ترشيد عملية الإقبال على الأسواق على مراحل هي السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار التي تتأثر بارتفاع الطلب في نفس الزمان والمكان، مؤكدا أن السوق المحلية تسجل وفرة في جميع المنتجات الاستهلاكية الفلاحية والصناعية، وهو العامل الذي يفرض إستقرار الأسعار عند مستويات معقولة، وتراجع بعضها كالكوسة (القرع) والسلاطة وغيرها من السلع التي سجلت ارتفاعا نسبيا. وسجل الوزير وجود فائض في العديد من المنتجات الفلاحية الموسمية، وخص بالذكر الطماطم التي قال أن أسعارها تسجل تراجعا سيستمر، وهي الوفرة التي قال الوزير أنها تواجه مشاكل في تخزين المحصول الذي كان وفيرا. وعن أسعار اللحوم، قال أن اللحوم الطازجة هي المادة الوحيدة التي تعرف إرتفاعا في أسعارها، وتوقع أن تعود أسعار اللحوم الى مستويات أسعارها قبل الشهر الكريم بسبب نزول اللحوم المجمدة للأسواق بكميات كبيرة، وهي الكميات التي ستمتص طلب العائلات ذات الدخل الضعيف. انعدام اتفاقيات صحية وراء عدم استيراد اللحم السوداني اللحوم الهندية يذبحها مسلمون ومعارضوها لا يعرفون قيمتها أوضح بن بادة أن عدم إقبال الجزائر على السوق السودانية لإستيراد اللحوم، هي قضية إجرائية مردها عدم توفر بعض الأطر التشريعية القانونية التي ترخص للعملية، ولا علاقة لها بمسائل أخرى، فيما كشف أن مرد الامتناع هو إنعدام اتفاقيات صحية تجمع البلدين، مشيرا أن اللحوم الهندية التي أكد أنها حلال مصدرها مذابح هي عبارة عن مجمعات تضم مساجد وتذبح من قبل أشخاص مسلمين، مؤكدا لامنطقية أسعار اللحوم في بلد كالجزائر يملك 20 مليون رأس غنم. وقال المسؤول الأول على قطاع التجارة، بعد أن أوضح أن مسألة استيراد اللحوم تقع ضمن نطاق صلاحيات وزارة الفلاحة، وأن قرار الترخيص بالاستيراد يتم على مستوى المصالح البيطرية التابعة لوزارة الفلاحة ولا شأن للتجارة بذلك، معتبرا أن الإمتعاض الذي أبانه البعض من اللحوم الهندية مرده عدم معرفة الجزائريين بسوق اللحوم الهندية التي تحتل مراتب محترمة عالميا، وجلب اللحوم من الهند شكّل مقترح الخواص الذين قدموا طلبا لوزارة الفلاحة، الأمر الذي حمل وزارة الفلاحة على إيفاد مجموعة من المصالح البيطرية للمعاينة، وأفضت المعاينة الى الموافقة على استيراد اللحوم الهندية لصلاحيتها وتنافسيتها. أما بخصوص اللحوم السودانية، أوضح الوزير أن امتناع الجزائر على السوق السودانية مسألة إجرائية، تتعلق بغياب مبادلات تجارية في مجال الثروة الحيوانية، وعدم وجود أرضية قانونية، مشيرا الى أن توفر الإرادة للتعامل مع السودان لدى الخواص ستجعل الدولة ترافق هذه الرغبة بإيجاد القاعدة القانونية، وأوضح أن الأهم يكمن في وضع اتفاقيات صحية، على اعتبار أنها تحدد "هوية" اللحوم بداية من منشئها، كيفيات التعليف والذبح والتغليف. وخلص الى أن وجود إرادة قوية معبر عنها من قبل الخواص كافية لتؤسس لوضع اتفاقية صحية بين البلدين، وإن كانت غالبية الدول كدول الخليج التي تقبل على اللحوم السودانية أسست لاستثمارات مباشرة، وأقامتها على الأراضي السودانية، حتى يتم التصدير من هناك مباشرة عبر شركاتها المقامة هناك، وهي الفكرة التي عبر عنها أحد المتعاملين الجزائريين الذي أبدى رغبة كبيرة في الاستثمار في المجال بالسودان بالتربية والذبح والتصدير من هناك مباشرة. وحرص ممثل الحكومة على التأكيد أنه لا وجود لموقف مبدئي رافض للحوم السودانية، عدا غياب الجوانب القانونية والاتفاقيات، والتسريع بالتكفل بمعالجة الجانب التشريعي من شأنه أن يسمح بدخول اللحوم السودانية في حال مطابقتها للمواصفات وأسعارها التنافسية. في سياق مغاير، تطرق بن بادة الى الآثار المتوخاة من مشروع إنشاء 3 مذابح عمومية، واستحداث شبكة توزيع تضمن ضبط مسألة اللحوم وتخفف من وطأة المضاربة، في ظل وجود نية بالذبح والتوضيب والتغليف والتوزيع، معتبرا أنه من غير المنطقي الحديث عن 20 مليون رأس والأسعار عند الحدود التي هي عليها في أسواقنا. سلسلة لقاءات تنسيقية لتحديد تركيبة أسعار المواد الاستهلاكية متعاملو الزيوت يوافقون على تحديد هوامش الربح كشف مصطفى بن بادة عن برمجة سلسلة من اللقاءات التنسيقة تجمع دائرته الوزارية بمختلف القطاعات الأخرى التي تتدخل في تحديد تركيبة الأسعار، التي تعد قاعدة أساسية لتسقيف بعض السلع والخدمات التي تتجاوز أسعارها الحدود المعقولة، وهو مجال التدخل الذي توفره التعديلات التي أدرجت على قانون المنافسة والممارسات التجارية، مشيرا الى أن وزارته تلقت موافقة من جمعية متعاملي الزيوت لتحديد هوامش ربح الزيوت للتحكم في أسعارها. واعترف الوزير بصعوبة تطبيق قانوني المنافسة والممارسات التجارية، مشيرا الى أنهما لن يعطيا ثمارهما إلا بتوفير مجموعة من العوامل والنصوص التنظيمية، وإن كانت التعديلات تعطي الدولة حق التدخل لضبط هوامش الربح لبعض الأسعار والخدمات، فعملية التدخل لن تتوفر إلا بتوفر مجموعة من العوامل، منها رفع تعداد أعوان الرقابة الى أزيد من 7000 عون جديد، لضمان التدخل والتغطية المطلوبة في الرقابة، ناهيك عن توفير الوسائل المادية اللازمة التي تعتبر محدودة جدا في الوقت الراهن، الى جانب تقوية وسائل التحاليل الموضوعية. وعن التحكم في الأسعار وتسقيفها، قال أنها بحاجة لتوفير جوانب تنظيمية، كتحديد تركيبة الأسعار التي تعتبر مرجعية أساسية للتدخل، مشيرا الى أن الأمر يدخل ضمن الصلاحيات التقنية للوزارات التابع لها المنتوج، ففي حال كانت منتجات حيوانية أو نباتية، فالمسؤولية الأولى على تحديد تركيبة السعر تقع على عاتق وزارة الفلاحة، وفي حال كانت منتجات صناعية فتركيبة السعر التي تعتبر سعرا مرجعيا للتسقيف أو تدخل الدولة تعود لوزارة الصناعة، وفي حال تعلق الأمر بسعر خدمة معينة فإن تحديد تركيبة السعر يقع على عاتق الوزارة المعنية بالنشاط، مضيفا أنه بداية من السنة القادمة سيتم تحديد تركيبة الأسعار سنويا بالاعتماد على كلفة المنتوج وبالتشاور مع المتعاملين. وفي هذا السياق، قال محدثنا أنه شرع في لقاءات مع المتعاملين التجاريين للإتفاق بخصوص ضرورة تحديد هوامش ربح وضبطها، وهي المشاورات التي جعلت المتعاملين في مجال الزيت يعطون موافقتهم على تحديد هوامش ربح مادة زيت المائدة، في انتظار ما ستفضي إليه لقاءات قادمة، موازاة لوضع الأطر التنظيمية الكفيلة بدخول قانون المنافسة التجارية الذي يعتبر آلية رقابة مشددة كفيلة بإحباط التجاوزات وتحديد تركيبة الأسعار لتمكين الدولة من التدخل لوقف الإرتفاع غير المبرر لأسعار بعض السلع. 543 سوق موازي والفوضى نتيجة تصورات خاطئة أصدرتها مكاتب دراسات أجنبية تحصي مصالح وزارة التجارة 543 فضاء تجاري موازي، ينشط بطريقة غير شرعية، في وقت يشتكي فيه قطاع التجارة من الفوضى التي قال بن بادة أنها نتيجة لتصورات رسختها مكاتب دراسات أجنبية استعانت بها الجزائر للاستشارة، فعملت على تصدير تصورات خاطئة تخدم مصالح بلدانها، ولا تخدم مصلحة الجزائر، مشيرا الى أن الترسانة القانونية والتشريعات المكثفة التي سجلتها العشرية الأخيرة تبقى بحاجة الى أدوات فعلية وآليات تضمن تطبيق النصوص، كما تطرق الوزير الى برنامج لبناء أسواق للجملة تتوفر على معايير للعصرنة والتحديث، معتبرا أن الأسواق الجوارية تبقى نقطة سوداء، كون عددها غير كاف، ووضعيتها غير مقبولة تماما، وهي النقطة التي تعتبر مجالا للاستثمار الخاص. تحاليل صحية على مواد التجميل والألبسة والأحذية لحماية المستهلك قال وزير التجارة أن القروض المستندية ساهمت مساهمة كبيرة في تطهير التجارة الخارجية من المندسين، مشيرا الى أن عملية التطهير ستتواصل لإسترجاع حصص السوق الضائعة نتيجة الانفتاح غير المراقب، وذلك بتعزيز الرقابة وفرض الوسم على كل الأطراف التي تحاول مقاومة الإجراء الذي يتسبب يوميا في رفض العشرات من الحاويات التي لا يسمح لها بالتفريغ. وأضاف أن مصالح وزارة التجارة سترخص رقابة بعدية من خلال استحداث فرق مشتركة بين وزارة التجارة والجمارك الى جانب تفعيل مخابر التحاليل لمنع كل مادة مخالفة للمعايير من دخول الأسواق الجزائرية، وذلك في خطوة لاستكمال إجراءات تطويق استيراد المواد التجميلية الذي يعرف عملية رقابة مشددة، مؤكدا اللجوء الى تحاليل كل ما يدخل السوق الجزائرية من الخارج حتى على الألبسة والأحذية للإطاحة بالمتعاملين الذين يتلاعبون بصحة المواطن. بن بادة ورمضان أصلي التراويح ببيت غلام الله و"رمضان ما يغلبنيش" كغالبية الجزائريين، يرفض وزير التجارة مصطفى بن بادة التخلي عن عادات ترعرع وكبر عليها، فيقول أن أول ما يحرص عليه خلال شهر رمضان هو ختم القرآن، يقرأ يوميا ما تيسر منه بعد العصر، ولا يتخلى عن سنة السحور مهما كان الأمر، لأن فيها بركة، ويفضله أن يكون "مسفوفا" محضرا بالجلبانة، وإذا غابت فلا بأس بالزبيب وبعدها مباشرة يشرب القهوة. ويضيف أن أيام رمضان لا تختلف كثيرا عن الأيام العادية بالنسبة للعمل، لأنه يغادر المنزل عند حدود الساعة الثامنة والنصف حتى يكون حاضرا بمكتبه في الوزارة عند الساعة التاسعة صباحا، وبصراحة كبيرة يقول الوزير أن "رمضان ما يغلبنيش"، ويوضح أكثر ليقول أن ظروف العمل مريحة حتى وإن كان العمل مكثفا "والله يكون في عون اللي يخدموا أعمال شاقة"، ويقول أنه سبق له أن صام بغرداية مسقط رأسه تحت حرارة ب 45 درجة، ولم يشعر بالتعب فكيف اليوم وظروف الصيام ملائمة وسهلة. وعن الإفطار، فيقول ابن الصحراء أنه لا يتخلى عن الحساء، الذي يحضر بمزيج من القمح والشعير ونبتة القرطوفة، ولا يفاوض بخصوص البوراك، كما يحبذ الدولمة التقليدية، وبفضل الشربات مشروبا. وأسر بن بادة أن صلاة التراويح يؤديها ببيت وزير الشؤون الدينية والأوقاف الذي يفتح بيته لعدد من الإطارات والوزراء ويؤمهم غلام الله، وأحيانا يفضل تأدية التراويح بالبيت رفقة العائلة الصغيرة، ويقول الوزير أنه لا يحبذ السهر كثيرا، وينام قبل منتصف الليل وإن كان "القلب لوز" يجمعه أحيانا الى الرفاق والأصدقاء ببيته أو ببيت أحدهم.