في انتظار تجسيد الإجراء الذي أعلن عنه وزير التجارة، مصطفى بن بادة، خلال شهر رمضان المعظم، والمتعلق بتدخل الدولة لتسقيف أسعار المواد الاستهلاكية واسعة الاستهلاك، يبقى المواطن الجزائري يتجرع مرارة هاجس التهاب الأسعار مع حلول الشهر الكريم. ففي الوقت الذي تعرف فيه مختلف المواد الاستهلاكية ارتفاعا ملحوظا في أسعارها، تقف الدولة موقف المتفرج على التجار الذين يستغلون فترة زيادة الطلب لتعجيز المستهلك وإجباره على الرضوخ لجشع سماسرة السوق باقتنائه لمشترياته بأبهظ الأسعار، على الرغم من أن مختلف المواد تشهد وفرة في العرض. وفي هذا الشأن، أعلن وزير التجارة أول أمس أن مصالحه ستعمل بالتنسيق مع الهيئات التابعة لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية بخصوص آلية تسقيف الأسعار، حيث سيتم اعتماد هذه الصيغة خلال شهر رمضان بالنسبة لبعض المواد الاستهلاكية في حال ملاحظة ارتفاع فاحش في أسعارها. وتفاديا لوقوع مناوشات في كيفية تحديد سعر هذه المواد، ألح الوزير بن بادة على أن هذه العملية ترتبط بتركيبة الأسعار وفقا لكل منتوج، إضافة إلى تعاون كل القطاعات التقنية كالفلاحة والصناعة والصيد البحري بغية الوصول إلى آلية دائمة لتسقيف الأسعار. وعلى الرغم من أن سيناريو ارتفاع الأسعار يتكرر سنويا مع حلول الشهر المعظم، وأصبح يدركه العام والخاص، إلا أن سماسرة السوق تفوقوا على آليات الدولة بإحداث اختلال في أسعار مختلف المواد، خاصة مع الأيام الأولى من الشهر الفضيل بما فيها الخضر والفواكه واللحوم بأنواعها والمواد الغذائية الأخرى. من المعروف أن فهم نظرية العرض والطلب هو من البديهيات الذي يحفظها كل من يدخل الأسواق، وهي ترتكز على مبادئ سهلة يتحرك فيها الطلب وفق سعر المادة المعروضة في السوق ووفرتها، إضافة إلى استخدامها وهو يرتفع مع تراجع العرض من المادة، ما يرفع ثمنها، أو يتراجع مع وفرتها. وهو عكس ما يحدث في أسواقنا، حيث تشهد أسعار مختلف المواد ارتفاعا كبيرا على الرغم من وفرتها في السوق، وهو ما يتنافى مع نظرية العرض والطلب أمام مايعرف ب ''ميكانيزمات السوق''، وهو سيناريو يتكرر مع كل مناسبة يكون بطلها تجار الجملة والتجزئة وضحيتها المواطن. هذا ويذكر أن الحكومة اتخذت عدة إجراءات تحسبا لشهر رمضان لضبط أسعار المنتوجات الغذائية ذات الاستهلاك الواسع ذلك في إطار مكافحة المضاربة وارتفاع الأسعار، باستيراد كميات معتبرة من المواد واسعة الطلب خلال هذه الفترة، اللحوم والليمون، كما عمدت إلى تخزين كميات من اللحوم البيضاء لطرحها في السوق مع حلول الشهر الكريم وغيرها من الإجراءات الرقابية لحماية صحة المواطن، والعمل أكثر على التحكم في تسيير أسواق الجملة على المستوى الوطني والأسواق الجوارية والمحلية. وفي هذا الإطار، تعمل مصالح وزارة التجارة على تجنيد جميع الأعوان وزيادة عدد الخرجات الميدانية إلى المحلات والأسواق ومستودعات التخزين بالإضافة إلى تمديد أوقات عمل مخابر الرقابة، وفيما يتعلق بتنظيم الأسواق أشار الوزير إلى أن السلطات أعطت تعليمات إلى الولاة ومسؤولي الدواوين الجهوية للترقية والتسيير العقاري قصد إنشاء فضاءات عقارية لإنشاء أسواق جوارية داخل المجمعات السكنية والمحيطات العمرانية الجديدة. من جهة أخرى، أعلن وزير التجارة أنه تم تمديد فترات عمل المركز الجزائري لمراقبة النوعية خلال شهر رمضان إلى غاية منتصف الليل، مع إبقائه مفتوحا أيام العطل والجمعة من أجل تعزيز الرقابة على المواد الغذائية وحماية المستهلكين، موضحا أن هذا الإجراء يأتي لتكثيف الرقابة النوعية على المواد الغذائية واسعة الاستهلاك بالموازاة مع الجهود التي تبذلها مصالحه مع وزارة الفلاحة من أجل ضبط السوق ومكافحة المضاربة والاحتكار خلال شهر رمضان.