تشير كل المؤشرات إلى أن إيران ستدخل على الخط ولو من باب التهديد والوعيد، وأنها لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام حرب الإبادة التي يتعرض لها اللبنانيون، وبرأي الخبراء فإن سوريا بتشديدها اللهجة ضد إسرائيل على لسان وزير الإعلام محسن بلال أمس لأول مرة منذ بدأ العدوان على لبنان، موقف من شأنه دعم توجهات إيران لتوجيه تهديدات مباشرة بقصف إسرائيل مثلما توعدت بذلك في وقت سابق. رمضان بلعمري ويأتي الاجتماع الطارئ للمجس الأعلى للأمن القومي الذي انعقد ليلة أمس بدعوة من قائد الحرس الثوري الإيراني يحيى رحيم سفافي وبرئاسة كل من الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ومرشد الثورة آية الله علي خامنئي ل"دراسة تطورات الوضع في لبنان" في سياق تحضير طهران للدخول في الحرب المفتوحة التي أعلنها حزب الله، على الأقل من باب توجيه ضغوط وتهديدات جدية لإسرائيل في حال استمرار وتيرة التدمير والإبادة التي طالت لحد الآن اللبنانيين بدون استثناء وكل البنى التحتية لهذا البلد. ويمكن بوضوح فهم الرسالة التي وجهها أمس المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي للعالم عندما قال "نأمل ألا يرتكب النظام الصهيوني خطأ بمهاجمة سوريا، لأنه سيتحمل خسائر لا يمكن تقديرها إذا اتسع نطاق النزاع"، وهذا يعني أن طهران توجد الآن في حالة تأهب عسكرية قصوى، بل إنها تبحث عن المبرر فقط لتدخل الحرب، وهو الدور الذي يتوجب على سوريا المبادرة به رغم خطورته، إذا كانت هناك نوايا لفك الحصار الرهيب على لبنان، وإذا كان هناك تقدير حقيقي لنوايا إسرائيل في الزحف مجددا لاحتلال أراضي من لبنان وسوريا. وفيما تواصل إيران "حربها الدبلوماسية" في مواجهة الضغوط الدولية حول ملفها النووي، حيث رفضت أمس الشرط المسبق المدرج في عرض الدول الكبرى لها المتمثل في تعليق تخصيب اليورانيوم، إلا أن ذلك لم يثنها عن القيام بجهود ديبلوماسية مضاعفة لفك الخناق عن لبنان وعن حزب الله أيضا، من خلال قيام المكلف بالملف النووي الإيراني علي لاريجاني بزيارة ذات دلالة كبيرة في هذا الظرف الحرج إلى السعودية، أين التقى الملك عبد الله. ولعل الهدف واضح للعيان من هذه الزيارة وهو طمأنة الرياض على مآلات الأمور في المنطقة بشأن أي دور محتمل لطهران في الصراع الدائر حاليا فوق التراب اللبناني، خصوصا بعد الخرجة السعودية غير المتوقعة بإدانة ما قام به حزب الله من أسر لجنديين إسرائيليين. وعندما نقرأ بين السطور تصريح مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي أمس للتلفزيون الإيراني، حيث قال فيه أن "الصهاينة كانوا يريدون من لبنان أن يكون قطعة لحم سائغة في أفواههم، لكن في الأيام الأخيرة قامت سواعد حزب الله القوية بوقف هذا الحلم الصهيوني من التحقيق"، نفهم كذلك أن إيران حصلت على معلومات استخباراتية تتحدث عن اعتزام إسرائيل احتلال لبنان بالكامل هذه المرة وأن إسرائيل كانت تخطط لهذا الهدف منذ مدة، لكنها كانت تنتظر الفرصة المناسبة فقط. وفي هذا المستوى، لا يبدو غريبا أن تطلق طهران إشارات قوية عن احتمال دخول "الحرب المفتوحة" في حال استهداف سوريا التي خرجت أمس عن صمتها وأعلنت أنها "سترد على أي اعتداء إسرائيلي بشكل مباشر وغير محدود وبكل الوسائل المتاحة"، مبدية دعمها لحزب الله ووقوفها إلى جانب الشعب اللبناني.