في خطوة جريئة وغير مسبوقة، اعترف وزير الاتصال، ناصر مهل، بضعف الخدمة العمومية التي يتعين على التلفزيون تقديمها للمجتمع، وخرج أمام الملأ ليحاكم أداء اليتيمة، وينتقد القائمين عليها ضمنيا، في وقت تتزايد فيه الأصوات المطالبة بضرورة رفع الدولة يدها عن قطاع السمعي البصري. * تصريح الوزير الذي اعتبر بمثابة ثقب في جدار الصمت المضروب على واجب الخدمة العمومية في مؤسسة تابعة للدولة، تزامن وتعاط غير مسبوق لليتيمة مع أحداث وطنية في ذات اليوم، تكفي بما فيها من الإدانة لبعض المسؤولين وإن كانوا على المستوى المحلي، عن مشروع توجه جديد قد تكون الحكومة باشرته أو على الأقل هي بصدد الدخول في مرحلة جديدة قوامها فضح النقائص وكشف المقصّرين. * إدانة المسؤول الأول على قطاع الاتصال لأداء كبرى المؤسسات الإعلامية، من حيث قوة التأثير ودرجة الانتشار وضخامة الإمكانات، يكشف أن الرسالة الإعلامية العمومية، لم تحقق الإقلاع المرجو منها، سيما ما تعلق منها بضرورة إقناع المواطن بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، باعتباره أحد عناصر المعادلة التنموية، وهو ما عبّر عنه الوزير بقوله "حتى يكون التلفزيون في مستوى التحديات التي تواجهنا"، وهو الأمر الذي تكون اليتيمة قد تجاهلته بسقوطها في مستنقع الزبائنية، وذلك من خلال تعمد إظهار كل ما هو إيجابي في البلاد والتستر على ما هو سلبي، جريا وراء رضا صناع القرار. * وإذا كانت "الخرجة الجديدة" للوزير ناصر مهل هي بمثابة رسالة تخفي وراءها الكثير من الألغاز، فإن أقرب محمل يمكن أن تحمل عليه، هو عدم رضاه هو شخصيا على الأقل أو من هم فوقه، على الإدارة الحالية للتلفزيون، التي عجزت باعترافه، عن الاستجابة للحاجة الإعلامية والترفيهية المتزايدة للجمهور الجزائري العريض خلال شهر رمضان المعظم، بالرغم من الإمكانيات المالية والمادية الضخمة التي وضعت تحت تصرفها، وهو ما يقود إلى التساؤل حول ما إذا كان ناصر مهل يملك من الصلاحيات ما تمكنه من تغيير القائمين على شؤون اليتيمة، واستبدالهم بأسماء جديدة تنسجم مع توجهاته، أم أن حركة من هذا القبيل، تتجاوز مسؤول بحجم وزير الاتصال، ومن ثم اعتبار هذه التصريحات مجرد ضغط على إدارة عبد القادر العلمي ودفعها نحو الاستقالة، والتفكير في حلول أخرى، مثل إجراء تعديلات على البرامج والحصص التي يبثها التلفزيون للرفع من مستوى خدماته. * كما يمكن حمل رسالة ناصر مهل على أنها محاولة للانفتاح على المطالب الشعبية والحزبية المنادية بفتح هذا القطاع أمام الخوصصة، لتغطية العجز الحاصل، وهو ما يفسر تأكيد الوزير على مسؤولية الإعلام التلفزيوني العمومي في كشف النقائص وتحميل المتسببين فيها المسؤولية، وهي الرسالة التي يفترض أن لا تتردد القنوات الخاصة، في الخوض فيها، على غرار ما تقوم به بعض المؤسسات الإعلامية في الصحافة المكتوبة، التي تطورت كثيرا مقارنة بالإعلام المرئي والمسموع.