السودان هذه القارة الكبيرة بثرواتها المتنوعة ونيليها الغزيرين وأرضها الخصيبة وشعبها الطيب.. السودان اليوم تكرس انشطارها وعلى مشهد من الأمة التي طالما تغنت بالوحدة.. وتحت إشراف أمريكي وغربي واسع، حيث بلغت الوفود الأجنبية وضعا استفزازيا واصبحت سيادة البلد وكرامته مقتحمة من قبل طائرات الأمريكان المدنية تستبيح مطاراته. * إن ما يتم في السودان يكتسي اهمية خاصة كونه التجربة الأولى التي تحدث فيها الردة عن الوحدة بإرادة ابنائه.. او على الأقل هكذا يتم التسويق لما يجري في السودان. * لم يغفل الغربيون عن السودان لحظة وظل يحتل موقعا متميزا في لب البعد الاستراتيجي في كل الخطط الأمريكية في القرن الإفريقي والأمن القومي العربي.. كما يحتل مكانا حساسا لوفرة ثرواته الثمينة ولمستقبل واعد يحتله السودان على صعيد الأمن الغذائي العربي. * عمر البشير المنقلب على السودان يجد نفسه اليوم يسير في اتجاه تفسيخ البلد، ومن اجل بقاء النظام وافق على اتفاقية أبوجا التي كرست للانفصال ووضعت خارطة طريق إليه. * لقد كان الغباء والحرص على السلطة هما المسيطران على الموقف تجاه الأحداث الجسيمة التي تحصل في السودان.. وها نحن نجني ثمرات هذه الأنانية وهذه الطريقة البدائية في التعامل مع قضية خطيرة وحساسة تتعلق بمصير البلد ومصير الأمة. * لم يمض كثير من وقت حتى اعلن الانفصاليون عن نيتهم في ربط العلاقات مع اسرائيل وهم يعرفون ان هذا عربون كاف لدعم الإدارات الغربية لعملية الانفصال.. بل ان زعيم الحركة الشعبية تمادى في موقفه معلنا ان اسرائيل عدوة الشعب الفلسطيني وهي ليست عدوة الجنوب السوداني.. صحيح انه يتجاوز بذلك موقعه الرسمي الحالي باعتباره نائب رئيس السودان، ويتجاوز كذلك موقف الجنوبيين، فهو لا يعبر عن رأي الجنوب الذي تتعدد توجهات أهله الدينية ولا يمثل هذا السيد أكثر من 10 بالمئة من سكان الجنوبيين على اعتبار انه يمثل غالبية المسيحيين الذين لايتجاوزون معدل سبعة عشر بالمئة، في حين يمثل المسلمون اكثر من عشرين بالمئة. * اننا نشهد مسرحية تافهة قاتلة.. مسرحية بتعاون ابناء البلد الواحد على تفتيته.. كيف تقوم قيادة البلد بتمزيقه في مشهد دولي بحراسة الأمريكان والأوروبيين.. * وهنا تتولد الأسئلة عن الأمن القومي العربي.. ما هو موقف مصر مما سيحصل، هل تجدي تحركات الخارجية المصرية الآن بالمشاريع واغراءات الاستثمار والمشاريع المتنوعة.. فأين كانت كل هذه العطاءات قبل ان تقع الفأس على الرأس؟! * أين السودانيون من هذه المهزلة الكارثة، اين العرب، اين الأفارقة، اين المحترمون وهم يرون تمددا اسرائيليا وزرع بذور فتنة وصراع في كل افريقيا؟! انه الاختراق الأمني الاستراتيجي ضد العرب وافريقيا.. ومع هذا كله لن ينجو البشير وستقوده محكماتهم المفتعلة، ويومئذ يدرك أنه أنهى المهمة وهم لا يريدون وجوده بعدها. *