تجمع التقارير الواردة من تونس حول حالة الفلتان الأمني التي أعقبت هروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، والتي أحدثت صدمة مروعة في أوساط التونسيين، على تحميل المسؤولية لبقايا النظام البائد من قوات الحرس الرئاسي ومجموعات موالية لوزير الداخلية السابق رفيق بلحاج. * يرجع متابعون للشأن الأمني التونسي أعمال التخريب والتقتيل التي أعقبت هروب الديكتاتور، إلى خطة تكون قد أعدت داخل الحلقة الأقرب والأوفى للرئيس المخلوع ولعقيلته ليلى الطرابلسي ساعات فقط قبل ركوب الأول المروحية باتجاه مالطا. * وتروي بعض المصادر، حسب شهود من القصر الرئاسي، أن الرئيس بن علي وعد بعض المقربين بأنه سيعود إلى تونس في أجل أقصاه 15 يوما، ويبدو أن الجيش التونسي استقى هذه الشهادة عن عدد من حراس الرئيس الذين ألقي القبض عليه في غضون الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. * وتأتي المعلومات المتناثرة هنا وهناك، لتؤكد هذا التوجه في تحليل حالة الفلتان الأمني التي اجتاحت تونس في اليومين الأخيرين، والتي تكون قد حدثت بتنسيق بين مجموعات من الحرس الوطني بقيادة الجنرال علي سرياتي، وبين أخرى من الأمن تتلقى أوامرها من وزير الداخلية السابق رفيق بلحاج، الذي قرر بن علي تنحيته 24 ساعة فقط قبل هروبه، ذرا للرماد في العيون، وشقيق زوجة الرئيس، عماد الطرابلسي، المقتول أول أمس بحلق الواد شمال العاصمة تونس. * وتكشف بعض المصادر أن الاتفاق جرى على تكليف السرياتي ورفيق بلحاج بالرجال والسلاح، وهو ما تؤكده شهادة أحد ضباط الحرس الوطني لقناة "الجزيرة" حين كشف بأن الكثير من الوحدات تلقت أوامر بإخلاء مواقعها وترك السلاح في مكانه، كما تؤكده عملية إخلاء سجون المنستير والمهدية والمرناقية وفجة من مرتاديها، وقد اكتشفت قوات الجيش أمام بوابة إحداها سيارات رباعية الدفع توزع السلاح على المساجين الفارين. * وتؤكد نفس المصادر المتطابقة على أن دور عماد الطرابلسي تمثل في تزويد رجال السرياتي وبلحاج بما لا يقل عن 800 سيارة يمتلك بعضها وجمع بعضها الآخر من أصدقاء يملكون وكالات لكراء السيارات. * وما يؤكد هذه الرواية هو ما كشفته بعض الشهادات من إلقاء الجيش التونسي على ما لا يقل عن 20 من المخربين ثبت انتماؤهم إلى الأمن وحملهم لبطاقات وزارة الداخلية. * وتشير بعض التقارير إلى أن الجيش التونسي نفسه أصيب بالصدمة من حجم عمليات التخريب والتقتيل الأخيرة، حيث أن الاتفاق مع زين العابدين بن علي كان على أساس خروجه من السلطة في هدوء ودون ضجة، وهو ما مكنه من الحصول على إذن بالتحليق نصف ساعة بعد قرار الجيش بإغلاق المجال الجوي التونسي. * ويترقب أن يتوجه الوضع الأمني في تونس نحو الاستتباب بعد مقتل عماد الطرابلسي، طعنا بخنجر، وبعد نجاح الجيش في تحييد قائد الحرس الوطني الجنرال علي السرياتي، الذي ألقي عليه القبض أول أمس ببن قردان في الجنوب التونسي، وهو في طريق الهروب إلى ليبيا، إضافة إلى وزير الداخلية السابق. * وأفادت مصادر حقوقية تونسية أن قوات من الجيش اعتقلت وزير الداخلية التونسي السابق رفيق بلحاج في باجة، مسقط رأسه عندما كان يستعد للهروب إلى الجزائر، فيما تتواصل حملة اعتقالات الحراس الشخصيين للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في محافظة تطاوين جنوبي تونس. * ونقلت قناة "الجزيرة" عن مصادر حقوقية وصفتها بالمطلعة "أن موكب من السيارات كان في طريقه إلى الحدود الجزائرية عندما اعترضته قوات الجيش التونسي والحرس الوطني وقامت بإيقاف الموكب". وأضاف المصادر: "أن سيارتين حاولتا الفرار في طريق الحدود مع الجزائر، إلا أن قوات الحرس الوطني والجيش قامت بملاحقتهما وألقت القبض على من بداخلها بعد تبادل إطلاق النار". وكشفت المصادر أن القوات التي قامت بالقبض على بالحاج نقلته إلى العاصمة تونس، لأن باجة مدينة صغيرة ولا تتوفر على الأمن الكافي. * وألقى الجيش التونسي القبض على نحو خمسين من الحراس الشخصيين للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في محافظة تطاوين جنوبي تونس عندما كانوا هاربين نحو ليبيا على متن سيارات لا تحمل لوحات تسجيل. وأوضح مصدر، أمني أن عددا منهم "نقلوا إلى المستشفى بعد أن أصيبوا بجراح جراء تعرضهم إلى عيارات نارية خلال مواجهات مسلحة وغير متكافئة مع قوات الجيش التي أحكمت السيطرة عليهم". وأضاف أن نحو عشرة آخرين من حرس الرئيس الهارب فروا إلى الجبل هاربين على متن سيارات وأن الجيش يتعقبهم، مشيرا إلى أن العديد من "رموز النظام البائد"، حاولوا الفرار إلى ليبيا، إلا أن رجال الأمن وسكان المناطق الحدودية المتاخمة لليبيا ألقوا القبض عليهم.