قال وزير التربية السابق ورئيس جمعية المدرسة الجزائرية الأصيلة والمتفتحة الدكتور علي بن محمد في محاضرة ألقاها أمام الشباب العربي المشارك في المخيم القومي العربي المنعقد هذه الأيام في الجزائر أن فرنسا عندما دخلت الجزائر سنة 1830 وجدت شبكة كبرى من الكتاتيب والجوامع، مما جعل نسبة الأمية عندنا أقل آنذاك من الأمية في فرنسا، وهو ما دفع وزير التعليم الفرنسي جول فيري أن يصدر قانون 1882 لإجبارية التعليم الابتدائي وفق مدارس الأهالي أو الأنديجان لاجتثاث الشعب من مقومات أمته، وكان هناك نوع من الفصل العنصري المدرسي يهدف حسب الدكتور بن محمد للقضاء على كل المعطيات التي تجعل المدرسة وطنية. فاطمة رحماني عن مسيرة الإصلاح التربوي بالجزائر قال بن محمد إنه بدأ منذ 1963 و 1965 و 1968 وكانت كلها محاولات نضجت سنة 1976 وبتاريخ 16 أفريل أصدر قانون الإصلاح لكنه بقي مجمدا إلى سنة 1980 ولكنه وبعد 8 سنوات وقعت حوادث 1988 حيث ظهرت آراء انتقدت القانون وتحولت إلى المطالبة بالإصلاح، ولكن بنظرة أخرى هي الرجوع إلى النموذج التربوي الموروث من فرنسا، ليستمر الاحتدام إلى 1999 حيث تقرر إنشاء لجنة وطنية لإصلاح المنظومة لتبدأ الحرب بين تيار أصيل متفتح وتيار يرى أن العربية والتربية الإسلامية هي التي خرجت الإرهاب!! وحسب علي بن محمد فالإصلاح لم يحسم في هذه القضايا التي لا تتحملها المدرسة لوحدها بل كل الأطراف الفاعلة في المجتمع. فالعولمة وهيمنة الدول تريد أن تصوغ مستقبل الأمة العربية وتتدخل في البرامج وكيفية التعليم، وهي مشكلة كل الدول العربية وليست الجزائر فقط. والمدرسة الجزائرية التي تدرس بالعربية في كل الأطوار لا تزال تصطدم بالجامعة حيث الصراع بها قوي والغلبة للفرنسية، متسائلا أمام الحضور »لو لم يكتب ابن سينا وابن رشد بالعربية هل كنا نذكرهم ونعرفهم اليوم« والمطلوب، حسبه دائما، هو ترقية اللغة بدخولها الميدان وليس بالمراصد والمجامع. وتذكر الوزير السابق كيف حاول أن يقدم شيئا للعربية »لم يرق للذين بيدهم مقاليد الأمور فاضطررت أن أنجو بنفسي وأقدم استقالتي« في إشارة إلى فضيحة البكالوريا. وبالعودة إلى عمليات الإصلاح اعتبر بن محمد أن الإصلاح عمل المربين وليس قرارا سياسيا، مستغربا في السياق ذاته كيف يجمد قانون التعريب منذ 1999 بدون قانون، علما أن مشروع الدولة هو بناء أجيال واقتصاد على أساس اللغة، ولكن -حسب بن محمد- الجهات المستحكمة من بقايا الإندماجيين الذين اعتبروا أن الفرنسية غنيمة حرب، ولما رأوا أن الغلبة بدأت تجنح للعربية خلقوا لها مشكلا في جنبها وحاولوا تأليب اللهجات، مضيفا »الفرنسية ليست غنيمة بل مدفع موجه للصدر«. وعن سؤال طرحه أحد الموريتانيين الشباب عن بن زاغو قال بن محمد أن المشكلة ليست في شخص ولا أحمل أية عداوة لبن زاغو. فالصراع لا ينحصر في شخص بل هو تيار أقلية قليلة تتموقع في مواقع حساسة ترفض الانتماء العربي للجزائر. والإصلاح الذي قامت به اللجنة هو نفس الأفكار التي كانت تدور منذ 1998.