يوجد المنشطون الثقافيون بولاية قالمة منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي في وضعية حرجة لم يكونوا يتوقعونها تركت آثارا سلبية على وضعهم الاجتماعي والمهني، فباختفاء وزارة الثقافة وتعويضها بالمجلس الوطني للثقافة في أواخر الثمانينيات اختفت معها مديريات الثقافة وتم ضم مستخدمي القطاع الثقافي في الولايات وكذا المراكز الثقافية البلدية إلى مديريات الشباب والرياضة. اسماعيل غموقات مع عودة وزارة الثقافة إلى الوجود عام 1994 ومعها مديريات الثقافة، وبموجب هذا القرار تركت الحرية لجميع الموظفين ومنهم المنشطون الثقافيون بين البقاء في مديريات الشباب والرياضة أو العودة إلى قطاعهم الأصلي، غير أن ميزانيات التسيير التي منحت لمديريات الثقافة في ذلك الوقت لم تتضمن سوى منصب مالي واحد للمنشطين الثقافيين، ومع وجود 16 منشطا ثقافيا في ولاية قالمة وحدها استحال تطبيق القرار الوزاري المشترك المذكور، خاصة وأنه يحدد أجلا لتطبيقه لا يتجاوز سنة واحدة، ومنح المنصب المالي الوحيد الموجود في الميزانية إلى وافد جديد، وهكذا وجد جميع المنشطين الثقافيين أنفسهم مجبرين على البقاء في قطاع الشباب والرياضة مكرهين لا أبطالا! أكثر من ذلك فقد ظلت جميع المراكز الثقافية البلدية، البالغ عددها 26، تابعة لمديرية الشباب والرياضة، بعضها تم تحويله إلى دور للشباب بغير وجه حق، وبعضها تنازلت عنه مديرية الثقافة في التسعينيات طوعا لقطاع الشباب والرياضة بحجة افتقارها للإطارات والإمكانيات المالية اللازمة لتسييرها، ومازالت الحال على ما هي عليه حتى اليوم، مما أدى إلى حرمان مديرية الثقافة من أهم وسائل العمل الضرورية، أي الإطارات المتخصصة في التنشيط الثقافي والفضاءات التي تحتضن الأنشطة الثقافية، وبالتالي أصبحت مديرية الثقافة بدون هياكل ثقافية ومنشطين يقومون بتنشيطها، باستثناء دار الثقافة التي شقت عصا الطاعة عليها وأصبحت إدارة موازية لها، بدون أن يؤدي التنافس المحتدم بينهما إلى أي عمل إيجابي يخدم الحركة الثقافية. وأما عجز دار الثقافة عن تنشيط المشهد الثقافي، وانغلاقها على ذاتها ورفضها التنسيق مع مديرية الثقافة لتفعيل الحركة الثقافية، أصبح الركود هو التسمية المميزة للوضع الثقافي في ولاية قالمة، رغم الجهود الطيبة التي تقوم بها مديرية الثقافة مع بعض الجمعيات الثقافية الفاعلة في بعض المناسبات الوطنية. للعلم فإن إشكالية المنشطين الثقافيين والمراكز الثقافية ليست مطروحة بهذه الحدة في الولايات الأخرى، فالمؤكد أن جميع مديريات الثقافة قد استرجعت جزءا من مراكزها الثقافية ومستخدميها القدامى ومنهم بعض المنشطين الثقافيين، واستطاعت بعض المديريات بالقليل الذي تمتلكه من المراكز الثقافية المسترجعة إثراء وترقية الساحة الثقافية في بعض البلديات، ومن هذا فلعل الوضع الثقافي بولاية قالمة يعتبر حالة استثنائية لأنها الولاية الوحيدة التي أبقت على المراكز الثقافية ومستخدمي القطاع الثقافي في خدمة قطاع الشباب والرياضة، مما حرم القطاع الثقافي من إمكانيات هائلة هي ملكه، كان سيستفيد منها لتنشيط (الحالة الثقافية) في البلديات. ولإعطاء فكرة عن الوضع الكارثي للمنشطين الثقافيين بولاية قالمة، يكفي الإشارة إلى أنهم محرومون من أي ترقية في قطاع الشباب والرياضة فهم محرومون من الترقية لمنصب مستشار ثقافي لعدم وجود هذا المنصب في قطاع الشباب والرياضة، وهم لا يستطيعون الترقية لرتبة تابعة لهذا القطاع لأن القانون يمنعهم من ذلك، وهم محرومون من التعيين في منصب مدير مؤسسة لأن هذا المنصب حكر على أهل القطاع، وبالتالي فالأبواب كلها مسدودة أمامهم، وقد اتصلوا بالسلطات المحلية فقيل لهم »إن حل مشكلتهم فوق« واتصلوا بالسلطات المركزية فطمأنتهم ووعدتهم خيرا، وتمر الشهور والأعوام، ومنهم من أصبح على أبواب التقاعد دون أن يتغير حال دار لقمان، ولكن أحد أعضاء الجمعية الوطنية للمنشطين الثقافيين قال لنا مؤخرا إن رئيس الجمعية التقى مؤخرا مع وزيرة الثقافة خليدة تومي، وأكدت له أنها في اتصال مع رئاسة الحكومة لإيجاد حل لهذه المعضلة، وعسى أن يأتي الفرج على يدي هذه الوزيرة الشجاعة التي عودتنا على الصدق في كل أعمالها.