مرة أخرى، تفتح باريس ملف رهبان تيبحيرين، وتفتح الباب على مصراعيه أمام ادعاءاتها واتهاماتها المجانية في حق الجزائر، لتعيد إلى الواجهة مثبطات تحرير العلاقات الجزائرية الفرنسية، وتعصف بمساعي بث الحرارة في مفاصلها، فضلا عن رغبتها السادية في ممارسة الوصاية على الآخر. * آخر الأخبار التي تداولتها الصحافة الفرنسية الجمعة ، وبشكل ملفت للانتباه، تتحدث عن شهادة الضابط الجزائري الفار، عبد القادر تيغا، قدمها خلال جلسة استماع باشرها القاضي الفرنسي، مارك تريفيديك، المكلف بملف اغتيال رهبان تيبحيرين، والمتخصص في مكافحة الإرهاب، في العاصمة الهولندية، أمستردام، في نوفمبر 2010، مفادها أن مصالح الأمن العسكري الجزائري كانت وراء التخطيط لاختطاف الرهبان في26 مارس 1996 ثم اغتيالهم، بهدف ابتزاز باريس وضرب مصداقية الحركات الإسلامية. * والغريب في أمر هذه الشهادة، التي اعتمدت كورقة فاعلة في الملف، والتي تحاول إقحام الجيش الجزائري في الأغتيال رغم أنفه، ورغم شهادة مسؤولين فرنسيين في الأليزي عايشوا الجريمة، تشير صراحة إلى أن الجماعة الإسلامية المسلحة هي التي نفذت الجريمة، وأن الشاهد نفسه أكد أنه لم يشاهد الضحايا في مراكز الجيش بضواحي البليدة وهم في حالة اختطاف، ولا جثثهم بعد الاغتيال، وإنما شاهد سيارات مشبوهة فقط، وهي بذلك تبقى شهادة ناقصة وغير مقنعة. * كما أن هذه الشهادة تأتي مناقضة لتأكيدات مسؤولين سابقين في الأليزي في ذلك الوقت وعايشوا جريمة الاختطاف، والتي أكدوا فيها مسؤولية مصالح مديرية أمن الدولة الفرنسي ومديرية الأمن الإقليمي في مصرع رهبان تيبحيرين، تزامنا مع تصريحات تفيد بدخول مختلف أجهزة الاستخبارات الفرنسية في مفاوضات مباشرة مع الجماعة الإسلامية المسلحة، بقيادة زيتوني، لإطلاق سراح الرهبان الرهائن، بعيدا عن نظيرتها في الجزائر، حيث أن فشل المفاوضات انتهى باغتيال الرهبان السبعة. * من جهته، يذهب جنرال فرنسي متقاعد، تابع للمديرة العامة لأمن الدولة بفرنسا، كان يشغل منصب في السفارة الفرنسية المعتمدة بالجزائر، فرانسوا بوشوالتير، إلى اتهام الجيش الجزائري باغتيال الرهبان خطأ، وذلك في قصف جوي استهدف المكان الذي كان يتواجد فيه الرهبان، ورغم أن هذه الشهادة تناقض تصريحات عبد القادر تيغا، فإنها تبقى شهادة مشبوهة هي الأخرى، إذا ما عدنا إلى حالة جثث الرهبان التي عثر عليها وهي مقطوعة الرؤوس بالسلاح الأبيض، وهو ما ينفي فرضية القصف، لأن عملية عسكرية من هذا النوع لا تختار بين أعضاء الجسم المستهدف، ومن شأن الإطلاع على التقارير الأصلية المرسلة من طرف فرانسوا بوشوالتر إلى وزارة الدفاع الفرنسية وسفير فرنسابالجزائر في التسعينات، بالإضافة إلى رئيس أركان الجيش، وكذا المراسلات الموجهة إلى جهاز مراقبة الإقليم والاستخبارات العامة، أن تسلط الضوء على الحقيقة.