بعد أن غير تكتيكه العسكري، متبنياً خطة سبق واقترحها وزير المواصلات شاؤول موفاز (وزير الحرب سابقاً) وبموجبها يتم مضاعفة عدد الجنود ثلاث مرات والتوغل في العمق اللبناني من دون التوقف عند المجمعات السكنية، لا يزال جيش الاحتلال الصهيوني يلهث وراء سراب مبلل بدماء جنوده صورة الانتصار. مراسل "الشروق" من حيفا: تيجان أفندي وفي تصريح ل "الشروق اليومي" أكد النائب أحمد الطيبي أن تصعيد العدوان البري غداة قرار وقف النار يندرج ضمن مساعي المستويين العسكريين والسياسي في إسرائيل انتهاز ما يمكن من الوقت من أجل نفي تهمة أن الحكومة والجيش ترددا بالتوغل خوفاً من المواجهة البرية، والفوز بصورة -انتصار- تعيد لهما بعض هيبتهما المفقودة في وعي الإسرائيليين والعالم خلال الربع ساعة الأخيرة من العدوان. وأضاف الطيبي "إحراق الدبابات وإسقاط الطائرة ومقتل وجرح 120 جنديا في يوم واحد سيعود كيدا مرتدا على صدور الإسرائيليين ووعيهم". ولفت الطيبي أن الجيش حث الحكومة الاسرائيلية من أجل السماح له بهذا الاجتياح، واهما أن وصوله لليطاني سيكسبه فوزا معنويا رمزيا يزيح عنه صورة الجيش الخائب والعاجز التي لازمت الإسرائيليين بعدما تفاخر بهالة أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأضاف "بلغ الجيش الاسرائيلي الدرك الأسفل بنظر الاسرائيليين لأول مرة الى حد أن الوزير إيتان كابل قال للقناة العاشرة أمس إن قرار الأممالمتحدة بوقف النار أنقذ الجيش من فضيحة أكبر". الى جانب ذلك قال النائب واصل طه ل "الشروق اليومي" إن التصعيد الاسرائيلي ودفع عشرات الآلاف الى العمق اللبناني مرتبطا بالحسابات السياسية الداخلية والشخصية، منوها أن خروج الاحتلال بصورته الفاشلة حتى الآن تعني أن حساب النفس سيكون عسيراً، وأكثر خطراً على مستقبل رئيس الوزراء إيهود أولمرت وحكومته سياسياً. وأضاف طه "إتخذ أولمرت قراره بإطلاق يد العدوان نحو اجتياح العمق اللبناني حتى الليطاني، أو أكثر، في خضم حملة تساؤلات واتهامات ونعوت بالتردد والضعف وتغيير أهداف الحرب مرات في أوساط المعلقين والرأي العام الإسرائيلي، نتيجة تعليق قرار توسيع العدوان مرات عدة وخوضه متأخراً. واعتبر طه أن قرار تصعيد العدوان جاء فور تصدع الجبهة الداخلية، وتنامي الانتقادات الواسعة للحكومة وإدارتها للحرب عسكرياً وسياسياً من المعارضة بزعامة حزب "ليكود". يشار إلى أن إذاعي بارز في القناة العاشرة، امنون ليفي، قد كتب في مقال أمس: إنه لا بد من الإجابة عن أسئلة كثيرة، منها كيف حدث أن تحول وزير اجتماعي إلى ولد يلهو بلعبة على شكل دبابة؟ وكيف أصبحت محامية اقتصرت تجربتها على معالجة الشيكات من دون رصيد إلى وزيرة خارجية في إسرائيل؟، في إشارة إلى وزيري الحرب والخارجية عمير بيرتس وتسيبي ليفين. وكانت استطلاعات الرأي قد أكدت تهاوي شعبية الثلاثية الصهيونية الحاكمة، أولمرت وبيرتس ورئيس هيئة الأركان الجنرال دان حالوتس، بشكل كبير، مقابل ارتفاع شعبية زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، ما دفعها إلى نوع من الهروب من لجنة تحقيق رسمية، إلى الأمام. وكان النائب الليكودي يوفال شطاينتس قد كرر اعتباره لقرار الأممالمتحدة وثيقة خنوع لإسرائيل، ودعا أولمرت للاستقالة وإعلان الانتخابات، وشبهه نائب آخر برئيس حكومة بريطانيا عشية الحرب العالمية الثانية تشمبرلن الذي اتهم بالتهاون مع النازية، ما شجعها على مهاجمة تشيكيا. في مقالها أكدت المعلقة السياسية في كبرى الصحف الاسرائيلية "يديعوت احرونوت" أمس إن تشهد إسرائيل لجنة تحقيق بما أسمته إخفاقات الحرب المثيرة للخلاف وأضافت "فور سكوت المدافع سيتعرض رئيس الوزراء إيهود أولمرت الى حملة انتقادات شعواء من قبل الصحافة ومراقب الدولة والمعارضة لكن الأخطر سيتم حينما يدرك المواطنون الإسرائيليون أن الحرب كانت فاشلة وباهظة الثمن عندها لن يترددوا في البحث عن بديل له". وتوقع زميلها الصحفي البارز، نحوم برنيع، أن يشهد الكيان الصهيوني بدءا من هذا الأسبوع حرب "الكل بالكل" لافتا الى تبادل الاتهامات بين الحكومة والجيش والمعارضة وبين الجنرالات أنفسهم وبين أولمرت وبين وزير دفاعه بيرتس ونائبته لفني. وبرزت ردود الفعل الإسرائيلية الشعبية الغاضبة على قبول أولمرت لقرار الأممالمتحدة والشروع بحملة برية متأخرة ومكلفة جدا في آلاف تعقيبات القراء الإسرائيليين على ذلك في صفحات الصحف العبرية على الإنترنت، فور الإعلان الأولي عن التعامل الإيجابي مع قرار الأممالمتحدة الجديد، وكانت الأغلبية الساحقة من هذه الردود قد أكدت أن القرار وقبوله يشكلان هزيمة وفضيحة لإسرائيل.