توجهنا قبل موعد آذان المغرب بقليل إلى أحد مطاعم الإفطار المتواجدة ببلدية الجلفة من أجل الوقوف على ما يتم إعداده لعابري السبيل وللعائلات التي تتوجه كل يوم إلى المطاعم من أجل الحصول على وجبات الإفطار، حيث كان في اعتقادنا أننا سنجد تقصيرا من طرف مسؤولي المطاعم، لكننا اكتشفنا حكايات وغرائب أبطالها متحايلون وضحاياها فقراء، أفسدت نكهة رمضان وحرمته. * قصدت "الشروق" حي بن جرمة، حيث يقع مطعم الرحمة الوحيد بتلك الجهة، وهو مطعم مدرسة صغار المكفوفين الذي يشرف على توزيع الوجبات خلال رمضان منذ 7 سنوات حسب ما أفادنا به موظفو هذا المطعم، وقبل دقائق عن صلاة المغرب تجمع عدد من الشباب والكهول داخل مستودع المدرسة ليتوجهوا بعد ذلك إلى المكان المخصص للإفطار، وقد تحدثنا إلى غالبيتهم وكشفوا لنا أنهم من خارج الولاية وأن عددا منهم يعمل بالولاية واعتادوا على المجيء لهذا المطعم منذ بداية رمضان لهذه السنة، كونه لا يعرف الاكتظاظ وأن غالبية الوجبات المقدمة حسنة، ووجدنا من بين "الزوافرة" شابا من جنسية مالية يفطر بالمطعم وبعدما تحدثنا إليه كشف لنا أن أحد المقاولين من العاصمة استدعاه في الجلفة من أجل العمل، لكن تبخر حلمه وتركه المقاول ليعيله الشارع، مما اضطره إلى البحث عن مكان يأوي إليه. * وقد كانت الوجبة المقدمة بهذا المطعم عبارة عن التمر والحليب و"شربة فريك" باللحم، إلى جانب طبق آخر بالدجاج واللوبيا "ماشطو" والسلاطة والمشروبات الغازية، إضافة إلى المياه المعدنية، ويقول موظفو مدرسة صغار المكفوفين إن الحليب والتمر والمشروبات والسلطة ليست ضمن الطبق الأساسي الممون من طرف الولاية، إنما هي تبرعات فقط من عدد من المواطنين، وعن عملية توزيع الوجبات للعائلات أكد المكلفون ل"الشروق" أنهم يحضرون حوالي 250 وجبة يوميا، لكن يبقى منها الكثير لعابري السبيل، ويقصد هذا المطعم عائلات من حي الوئام والزريعة وهما أكبر الأحياء الفقيرة، وأجمع الموظفون على أنه توجد صعوبة كبيرة في عمليات التوزيع التي تخللتها صراعات بين الفقراء من أجل الحصول على الوجبة الرمضانية، وكذا تحايل بعض العائلات التي ترسل جميع أفرادها، ويقوم البعض بالتخلص من الحساء أمام باب المطعم أمام مرأى الموظفين وأخذ قطع اللحم والخبز فقط، ويكررون العملية في العديد من المرات، وكشف لنا أحد الموظفين أنه لاحظ بعض الأطفال والشباب يتوجهون بالخبز لإحدى السيارات المركونة بالقرب من المطعم، ليكتشف في الأخير أن صاحب السيارة يتحصل على 300 خبزة يوميا يتوجه بها للأسواق من أجل بيعها، وقد تم القبض عليه وحرمانه من الحصول على الخبز بصفة نهائية، وغادرنا المطعم ونحن نتأسف على حال هؤلاء.