رهبان "تبحيرين" إغتالتهم الجماعات الإرهابية قال وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي أن "من قتل الرهبان السبعة في تبحيرين هم جماعات إرهابية أساءت فهم الإسلام الذي يستحيل عليه استيعاب تصرفات وأفعال كهذه"، وبهذا يكون قد فصل في هوية الجهات التي قامت بعملية الاغتيال ذات 21 ماي من عام 1996، بعد ما اختطفتهم في 27 مارس من السنة ذاتها. وقد ظلت قضية "من المسؤول عن اغتيال الرهبان السبعة" تسمم العلاقات الثنائية على مدى عشر سنوات كاملة، على خلفية اتهام بعض الأوساط الفرنسية للمؤسسة العسكرية الجزائرية بالوقوف وراء تصفية رهبان تيبحرين. وفي عين المكان ببلدية ذراع سمار بالمدية، ترحم ساركوزي على أرواح الرهبان السبعة، وقال بالمناسبة أيضا أن "الديانتين الإسلامية والمسيحية تلتقيان في قيم التسامح وتستطيعان تشكيل نقاط تقارب". وفي وقت لاحق من نهار أمس، التقى وزير الداخلية الفرنسي بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة بقصر المرادية، ولم تتسرب عن اللقاء معلومات للصحافة. وفيما يخص الشق السياسي للزيارة وتحديدا ملف العلاقات التاريخية بين البلدين، ثبت جليا أن فرنسا لن تقدم الاعتذارات التي تطلبها الجزائر، ويدعم هذا القول التصريح الذي أدلى به نيكولا ساركوزي أمام الجالية الفرنسية بمقر إقامة السفير الفرنسي، حيث أكد "لقد قلت للوزير الأول بلخادم أنه من غير الممكن أن نطلب من الأبناء تقديم اعتذار عما ارتكبه آباؤهم"، وهي إشارة واضحة عن تناغم في الموقف الرسمي الفرنسي سواء كان الزائر ساركوزي أو شيراك. ويبدو أن الحرج بلغ من ساركوزي مبلغا كبيرا في تعاطيه مع هذه المسألة لدرجة أنه أوضح للصحفيين أنه "لم يأت للجزائر من أجل توقيع معاهدة الصداقة وإنما جاء لتهدئة الخواطر بين البلدين"، باعتبار "مسألة التوقيع تخص الرئيسين شيراك وبوتفليقة"، بحسب ما قال، إثر لقائه ببلخادم الذي يبدو أنه أحرج ساسة باريس بدعوتها إلى تقديم اعتذار عن جرائمها الاستعمارية قبل أقل من 24 ساعة من زيارة ساركوزي للجزائر. ومن جهته، سجل وزير الداخلية يزيد زرهوني أن "الظرف الحالي لا يسمح بتوقيع اتفاقية الصداقة"، مؤكدا أنه "مازال هناك مجال للقيام بجهود لخلق مسار أكثر اتساعا لبناء صداقة بين البلدين"، وليس غريبا القول أن زرهوني أراد بهذا التصريح أن يخفف من حدة الضغط الذي واجهه نظيره الفرنسي في كل المحطات التي حل بها منذ وصوله إلى الجزائر، خصوصا من طرف أرمادة مبعوثي وسائل الإعلام الفرنسية التي رافقت ساركوزي في جولته إلى الجزائر، التي تنظر إليه على أنه مرشح لخلافة الرئيس شيراك، وتعلم جيدا أنه يحمل خطابا لا يتطابق مائة في المائة مع خطابه، وبمعنى آخر يصبح مهما معرفة رأي ساركوزي في مستقبل العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس. وفي هذا السياق وفي ما يخص طموحاته الانتخابية، حرص ساركوزي على الظهور في مظهر الشخص "الوفي" لرئيسه شيراك، موضحا أن "زيارته للجزائر تمت بالتنسيق الكبير مع الرئيس شيراك الذي كلفه بتهدئة العلاقات مع الجزائر"، في محاولة لذر الرماد في العيون عن الغاية الأخرى المتمثلة في الاستفادة قدر الإمكان من "الفاعلين" في الساحة الجزائرية سواء أكانوا مسيحيين أو من الجالية اليهودية أو حتى بعض جماعات المال والأعمال التي تربطها بباريس مصالح مشتركة. رمضان بلعمري