في الوقت الذي تعرف مختلف مناطق الوطن مشاريع كبيرة لتوصيل شبكات المياه الصالحة للشرب، بما فيها ولاية بومرداس، مازالت القرى والمداشر المعزولة تعاني من المشكل في صمت رهيب، وكأن مشاريع التنمية لا تعنيها بقدر ما تعني المدن الكبرى، خاصة إذا تعلق الأمر بقطاع حساس كقطاع الري، رغم أن بعضها يحتضن أكبر السدود الوطنية، إلا أنها لا تستفيد منها. عشرات القرى بالولاية تكابد عطشا طويل المدى، البعض منها لا يملك حتى شبكات التوصيل، وهو ما يؤرق حياتهم ويجعلها شبه مستحيلة.قرية تليس بشعبة العامر رغم أنها تحتضن أكثر من 7000 نسمة إلا أن المنازل بها غير موصلة بشبكة المياه، مما يجبر السكان على اقتناء صهاريج بتكلفة تصل 600 دج، وتتجاوز في فصل الصيف 1000 دج، بعدما تبخرت مشاريع توصيل منازلهم بشبكة المياه التي أصبحت من الضروريات اليومية للحياة. بلدية قدارة بدورها، رغم امتلاكها أهم سد وطني يمول العاصمة، إلا أن العديد من القرى بها لا تملك شبكات مياه صالحة للشرب، على غرار قرية ورزازن، حشلاف وبونورة، فمجمل كميات المياه التي تستفيد منها هذه القرى لا يتجاوز 500 متر مكعب، ومصدره ليس سد قدارة، إنما ما تدره مضخّة الخروبة، التي كثيرا ما تصاب بتعطلات، تجبر السكان على مجابهة العطش، حتى في عز الشتاء. سبع قرى أيضا محرومة من شبكة المياه ببلدية أعفير بأقصى شرق بومرداس منذ أكثر من عشرين سنة، حياة بدائية يعانيها السكان جراء هذا المشكل، فهم مجبرون على التنقل لعدة كيلومترات من أجل جلب الماء الصالح للشرب من المصادر الطبيعية للمياه، والتي جادت بها الطبيعة لحسن الحظ. أما المساحات الزراعية، فهي تحت رحمة ما تجود به السماء، نظرا للتكاليف العالية الخاصة بحفر الآبار، ما يرهن الزراعة بالمنطقة رغم أنها ذات طابع فلاحي بالدرجة الأولى. الحرمان الكبير الذي تشهده مختلف قرى ولاية بومرداس، فضلا عن سوء الخدمات الذي تعانيه بعض المدن، على غرار الانقطاع المتواصل للماء والتلوث بحبيبات التراب، ما يجعل لونه أحمر، كل ذلك يضع القطاع أمام رهانات حقيقية عليه مواجهتها في أقرب الأوقات.