على غرار الكثير من سكان القرى والمناطق النائية، التي دفعت الثمن غاليا خلال التقلبات الجوية الأخيرة والتي كشفت حجم معاناة العديد من المناطق التي لا حول ولا قوة لسكانها، إلا بالاعتماد على أنفسهم في أي مشكل أو مصيبة تواجههم. وهو حال سكان منطقتي "البطمة" و"بويعيش" المتجاورتين بقرية "أولاد بوزيد" الواقعة على بعد 7 كيلومترات من بلدية "الميلية" شرق ولاية جيجل، الذين يعيشون في عزلة شبه تامة وذلك بسبب الأضرار التي لحقت بالطريق الترابي غير المعبد، والذي هو عبارة عن مسلك مليء بالوحل والأخاديد، وتكثر به المجاري المائية، وهو المنفذ الوحيد الذي يربطهم بمقر البلدية، وإذا كان الطريق المذكور قد بلغ حالة متقدمة من التدهور منذ فترة ليست بالوجيزة، وهو الذي تم إنجازه منذ السنوات الأولى من الاستقلال، دون أن يستفيد من أي تأهيل، رغم المطالب المتكررة لسكان المنطقة بإصلاحه، فإن الأمطار الأخيرة يقول السكان أوصلته إلى أقصى درجة التدهور، ولم يعد صالحا تماما للاستعمال بعدما جرفته المياه، وأدخل بذلك سكان قرية "أولاد بوزيد" في عزلة شبه كاملة عن العالم الخارجي، لولا المحاولات التي يقوم بها السكان من حين إلى آخر بإصلاح بعض أجزائه على حسابهم الخاص. كما يعتمدون على الوسائل البدائية لإسعاف مرضاهم وإيصالهم إلى المستشفى، هذا كله من أجل التدخلات الطبية البسيطة أو لأخذ أبسط الخدمات كالحقن، التي يقطعون من أجلها 7 كيلومترات للوصول إلى وسط مدينة "الميلية"، في الوقت الذي تبقى فيه قاعة العلاج التي شيدت منذ مدة مغلقة في وجه السكان، ولا تقدم أي خدمة ولا حراسة مما جعلها عرضة للنهب والتخريب، سكان القريتين المذكورتين أعلاه رفعوا صوتهم في الكثير من المرات إلى السلطات المحلية، وهم اليوم يواصلون رفع نداءاتهم لعلها تجد آذانا صاغية من طرف السلطات التنفيذية، خاصة الوالي الجديد لولاية جيجل، على أمل أن تتدخل هذه الأطراف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ويجنبون سكان القريتين كارثة حقيقية، لاسيما مع اقتراب فصل الشتاء الذي قد يزيد من عزلة هؤلاء السكان.