يجد سكان بلدية "قلال" الواقعة جنوب ولاية سطيف، يوميا أنفسهم تحت حصار الدخان المنبعث من القمامة العمومية من الجهة الجنوبية، وروائح الصرف الصحي الذي تصب في الوادي من الجهة الشمالية، وغبار مصنع الخرسانة المزفتة على حواف الطريق الوطني رقم "28". حيث تحولت حياة آلاف المواطنين بهذه البلدية إلى جحيم حقيقي، جراء دخان القمامة العمومية التي تجمع فضلات بلديات "قلال"، "عين ولمان"، "قصر الأبطال" و"مزلوق"، والغريب في الأمر هو أن القمامة أخذت في التوسع شيئا فشيئا وذلك أمام أنظار المسؤولين، حيث تجاوزت المساحة المحددة لها وراحت تزحف نحو مساحات زراعية مجاورة، وما منظر انتشار الأكياس البلاستيكية على أزيد من 50 هكتارا، إلا دليلا قاطعا على تدهور المحيط، ولعل سكان تجمع "الجباس" و"أولاد الشبل" ومعهم بدرجة أقل الأحياء التي تقع بالواجهة الجنوبية لمركز البلدية، أكثر الأحياء تضررا من الوضع، حيث أكد أحدهم ل "الأيام" أن دخان القمامة لم ينطفأ مدة عام كامل، والمواطن يجبر على تحمل الوضع، مما جعله عرضة لأمراض الربو والحساسية وغيرها من التبعات على الصحة العمومية، ومن دخان القمامة إلى الروائح الكريهة، حيث يعيش مركز بلدية "قلال" كارثة حقيقية في مجال قنوات الصرف الصحي التي تجاوزها الزمن، وصارت عاجزة عن تصريف كميات المياه المستعملة حاليا، وما زاد الطينة بلة حسب المواطنين وهو نسبة الانحدار الذي يميز المنطقة. فضلا عن كون أن القنوات تصب في مجملها بالوادي، الذي يقطع البلدية من جهتها الشمالية مع ما يحمله ذلك من روائح كريهة تقزز الزائر للمنطقة متى حل بها، ناهيك عن سكان المنطقة الذين يذوقون الويلات خاصة مع قدوم فصل الحر، أين تتضاعف إمكانيات تنقل الأمراض جراء الوضع، وفوقهما تأتي مشكلة الغبار المنبعث من مصنع الخرسانة المزفتة بالقرب من مركز البلدية، خاصة وأن صاحبه لم يكلف نفسه عناء وضع مصفاة لتقليل الأضرار على المواطنين، وعلى الأراضي الفلاحية المجاورة للمصنع، هذه الوضعية أدت بدورها إلى وضع أشد وطأة على سكان المنطقة من سابقه، حيث توجد كل أحياء مركز البلدية في وضعية كارثية، تعزل في الكثير من الحالات المواطنين داخل سكناتهم، لأن الطرقات بكل بساطة تتحول لبرك وبحيرات كبيرة من المياه والأوحال، وقد تعرضت محلات بعض التجار الذين غامروا وفتحوا محلاتهم داخل هذه الأحياء لهجرة الزبائن الذين يفضلون تغيير الوجهة بدل تحمل مشقة التنقل في وسط لا يصلح تماما للسير راكبا أو راجلا، وهو المشهد الذي يتكرر بأحياء "223 مسكنا"، "200 قطعة" بشطريها وحي "05 جويلية" وحي "صفيح" وغيرها، ليبقى المواطن بهذا الوضع رهن إشارة السماء فمتى أمطرت حرم عليه الدخول أو الخروج من وإلى الحي. رئيس البلدية أكد بخصوص القمامة أن لجنة مختصة، قد خصصت زيارة للمناطق التي توجد بها القمامة، وتم عرض الوضع على المصالح الولائية، ومصالح مديرية البيئة لتتبع الوضع عن كثب من أجل إنجاز مركز لطمر النفايات، كما هو الحال بحي "سيدي حيدر"، هذا وعلمت مصادر "الأيام"، أن مصالح مديرية البيئة قد تنقلت قبيل عيد الضحى المبارك، وعاينت المصنع والغبار المنبعث منه، وذلك في انتظار إصدار قرار يحمي المواطن بصفة نهائية وهو الأمر الذي يأمله جميع السكان القاطنين بالبلدية المذكورة أعلاه.