حذّرت عدة تشكيلات سياسية من نتائج مسيرة اليوم التي يصرّ البعض على تنظيمها رغم رفض السلطات الولائية للجزائر الترخيص لهم بالتظاهر في العاصمة، وحمّلت الطبقة السياسية في الجزائر المبادرين بهذه المسيرة مسؤولية أي انزلاقات قد تحدث أو أي مساس بأمن الأشخاص والممتلكات. لم تخف الطبقة السياسية في الجزائر مخاوفها من تبعات نتائج المسيرة التي يصرّ التنظيم الذي يسمي نفسه التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية على القيام بها رغم الحظر المفروض على التظاهر والمسير في العاصمة منذ 2001 ورفض السلطات الولائية منح الترخيص لأصحاب المبادرة واقترحت عليهم في المقابل تنظيم تجمع في القاعة البيضاوية للمركب الرياضي محمد بوضياف التي تتسع ل10 آلاف شخص بدلا عن المسيرة. وحسب عضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني المكلف بالاتصال قاسة عيسي، فإن الإصرار على المسيرة في حد ذاته من قبل المبادرين بها والذين يرفعون شعارات تدعو لدولة القانون وتكريس الديمقراطية هو في حد ذاته خرق للقوانين التي تحظر المسيرات في العاصمة بالنظر للظرف الذي تعرفه البلاد من جهة وبالنظر لتجارب سابقة وما حدث في مسيرة الخميس الأسود سنة 2001 من جهة ثانية، مذكرا بالانزلاقات التي حدثت آنذاك والأرواح التي سقطت والمساس بالأمن العام وممتلكات الأشخاص وكذا الخراب الذي لحق بالممتلكات العمومية. ويشير قاسة في حديثه عن مسيرة اليوم إلى التخوف وسط المواطنين من تبعات المسيرة، مستشهدا بالطوابير التي تعرفها محطات البنزين منذ يومين، وكذا إقبال الكثيرين أمس على الأسواق لاقتناء مؤونة أيام خوفا مما يمكن أن ينجر عن تلك المسيرة من تداعيات، خاصة وأن بعضهم ما يزال يعاني جراء ما تعرض له في مسيرة الخميس الأسود سنة 2001 ولم يتجاوز بعد الخسائر المادية التي تعرض لها آنذاك ومنهم من تعرض للاعتداء على يد المندسين في المسيرة يومها. ومن وجهة نظر القيادي في الحزب العتيد فإن أولى أهداف دعاة المسيرة هو لفت انتباه الإعلام الأجنبي، وقال إن من يدّعون الدفاع عن القانون من حقوقيين يحملون فكرا انقلابيا لأنهم أول من يسعى لخرق القوانين والسعي إلى التغيير بالقوة. وفي السياق نفسه جاءت تصريحات الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي، مؤكدا أن دعاة مسيرة السبت "مخطئون في الزمان والمكان"، قائلا "إذا كانت مطالب هؤلاء تتمحور حول رفع حالة الطوارئ وفتح المجال الإعلامي أمام الأحزاب فإن الإجراءات المتخذة من طرف رئيس الجمهورية مؤخرا تستجيب بشكل كاف لتلك المطالب"، مؤكدا مساندة تشكيلته السياسية لما وصفه شجاعة وحكمة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، في قراءته للاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها بعض ولايات الوطن وما تقرر من إجراءات في الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية لقطع الطريق أمام بعض الدعوات المعزولة والتي تريد أن تتخذ من هذا الموضوع قميص عثمان، وأشار شرفي، إلى أن الجزائر خلال هذه الفترة بحاجة ماسة إلى الهدوء لتجسيد المشاريع الضخمة الموزعة بإنصاف وبدون إقصاء على كل مناطق وولايات البلاد في إطار البرنامج الخماسي الجاري الذي خصصت له السلطات العمومية مبالغ مالية ضخمة. ومن جهتها أكدت حركة مجتمع السلم في بيان لها والذي تضمن الإعلان عن عدم مشاركتها في مسيرة اليوم، أنها تُحمّل مسؤولية ما يمكن أن يحدث من انزلاقات أو مساس بأمن المواطنين لأصحاب المبادرة، وقالت إن الحركة تشيد بالقرارات الأخيرة التي اتّخذها رئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء الأخير، ولاسيما ما تعلّق منها برفع حالة الطوارئ، التي كانت مطلبا عاما للحركة وتمكين الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني من وسائل الإعلام العمومية، وكذا إجراءات التكفّل بمطالب المواطنين عامة وشريحة الشباب على وجه الخصوص. كما جاءت تصريحات الوزير الأسبق والعضو القيادي في حركة الدعوة والتغيير عبد المجيد مناصرة في هذا السياق؛ حيث أكد أن حركته لن تشارك في مسيرة اليوم لأنها لم تستدع إليها من طرف الجهة المنظمة، غير أنه شدد في المقابل على ضرورة أن يتحمل أصحاب المبادرة مسؤولياتهم كاملة من أجل تجنب أي انزلاقات أو فوضى من شأنها أن تكلف الجزائر غاليا. من جهته وصف المكتب الوطني للتجمع الوطني للشبيبة الجزائرية، الذي اجتمع أمس برئاسة الأمين العام للتجمع «رابح ظريف»، الدعوات المطالبة بتنظيم مسيرة اليوم بالعاصمة ب«المشبوهة التي تريد تشويه صورة الجزائر ومحاولة يائسة لزعزعة الاستقرار الذي تنعم به البلاد بفضل سياسة المصالحة الوطنية، وكذا الزج بالشباب في غياهب الفوضى والعنف الذي ذقنا مراراته طويلا لتحقيق غايات باتت معروفة للجميع، وللتموقع من جديد بعد أن ثبت إفلاسها جماهيريا». على حد تعبير التجمع الوطني للشبيبة الجزائرية. يذكر أن أحزاب العمال والأفافاس والعدالة والحرية كانت قد أعلنت سابقا أنها غير معنية بالمشاركة في مسيرة اليوم. عبد الجبار تونسي/ سالي إبراهيمي