لا تزال تداعيات زلزال ال14من شهر ماي للسنة المنصرمة التي ضربت بلديتي «بني يلمان» و«ونوغة» تصنع الضرر، ولا يزال معها المواطن في منطقة «بني يلمان» يقبع تحت الخيم ويكابدون المعاناة على مدار فصول السنة، لاسيما الأيام الشتوية الباردة وحرارة الصيف التي لا تطاق. ونشير في البداية إلى هذه المنطقة تعرف بجبل «خراط»، والذي يسميه القاطنون بها ب«الجبل المكبح»، وسمي بهذا الاسم على اعتبار أنه كبح شدة الهزة ما يعني أنه حال دون وقوع كارثة أكبر من تلك التي حصلت، وبين قلة المبلغ المرصود في إطار تكفل الدولة بهؤلاء المنكوبين، وبين غلاء مواد البناء يبقى المواطن في هذه البلدية يضرب كفيه، في ظل قلة الحيلة التي حرمته توفير مسكن يجمع فيه أفراد عائلته التي تقاسي رفقته الأمرين، وينتظرون ما يخبأه لهم الزمن. "الأيام" وقصد الوقوف عن قرب عن يوميات ومعاناة هؤلاء المتضررين، والاطلاع على مدى التكفل بهم، اختارت أن تكون الوجهة الأولى صوب منطقة «بني يلمان»، وبعد سير حوالي ساعة بالسيارة باتجاه شمال غرب عاصمة ولاية المسيلة، توقفنا بحي «الجبل»، وهناك أين وجدنا جموعا من المواطنين، تعاني في صمت، وقد سرت أيما سرور كونها وجدت منبرا للبوح والشكوى وتوجين نداءات استغاثة للجهات الوصية بقصد الوقوف على ما يحول دون العيش الكريم لهم. عمي العمري:"30 مليون سنتيم لا تكفي لترميم مسكني المتضرر" كان أول من استوقفنا عمي «العمري بن سعيد» الذي راح يحكي لنا عن معاناته التي لم تنتهي على حد تعبيره، ولم يشأ مواصلة الحديث معه قبل أن يستضيفنا في مسكنه بالطابق الأول، ليجعل صور ما خلفته الكارثة التي ألمت بهم تتحدث عن نفسها، وأخطرها التصدعات التي لحقت جدران المنزل بالكامل، وذهب إلى توجيه لومه للمسؤولين على اعتبار أن مبلغ 30 مليون سنتيم لا يكفي حتى لترميم الأعمدة التي تضررت فكيف الحديث عن أشغال الترميم الأخرى، وتبعا لذلك لم يكن أمام عمي «العمري» من سبيل سوى الاستعانة بخبير عقاري لتقييم درجة الضرر التي لحقت بمنزله ليوجهه بعدها إلى الجهات الوصية حتى تقدر التكاليف الحقيقية التي يحتاجها مسكنه لأجل ترميمه، ليجد نفسه بعدها يحيا معاناة أكبر رفقة عائلته منذ وقوع ذلك الزلزال، أعياه التعب والطوفان في أروقة المحاكم دون جدوى، ليختصر معاناته في ثلاث كلمات قائلا:" الكبر..المرض..وفوق هذا كله الحقرة". الخالة المازية:"لازلنا نعيش الخوف في أعماقنا من حدوث هزة مماثلة" حال خالتي «المازية» التي يصل عمرها إلى ال80 سنة، لا يختلف كثيرا عن ظروف عمي «العمري»، إذ لم تجد بعد إلقاء التحية علنيا غير أن تبدأ في الحديث عن معاناتها رفقة أهالي المنطقة بالقول بأنهم لازلوا لحد اليوم يعيشون الخوف في أعماقهم لاسيما بعد أن أحسوا بهزة ارتدادية يوم الجمعة الفارط ، وذهبت لتسأل المسؤولين كيف لمسكن صغير ومتضرر كهذا أن يأوي بين جدرانه أكثر من 50 فردا بين أبناء وأحفاد، فهذا «نور الدين» قد تم إقصاؤه تماما من الاستفادة من مسكن لائق، وذلك حال «لخضر»، «الحسين»، «بلقاسم» و«رشيد»، إضافة إلى ابنتها الأرملة، فرغم التضرر الكبير الذي لحق مسكنهم الوحيد لم يتم تعويضهم عن الأضرار التي لحقتهم منذ وقوع الزلزال، وعبر "الأيام" ارتأت هذه العجوز أن تبعث بندائها للسلطات، على أمل أن يقفوا على حالتها وحال أبنائها. وخلال جولتنا بحي الجبل ب«بني يلمان» راح كل مواطن يطرح ظروف معيشته رفقة أسرته، فهذا أبدى معارضته على تصنيفه من قبل اللجنة التقنية التي أسندت لها مهام تقييم الأضرار، وآخر يشتكي من عدم كفاية المبلغ الذي منح له لترميم مسكنه، في إطار تكفل الدولة له كمنكوب خاصة في ظل الغلاء الفاحش لمواد البناء كما سلف الذكر، وذهب «السعيد» رب عائلة مكونة من 6 أفراد إلى التأكيد بأن مبلغ الشطر الأول الذي استلمه استهلك في تهيئة الأرضية فقط، وهو الأمر الذي أجمع عليه الكثير من منكوبي الزلزال بالحي المذكور. مقررات الإعانة لا تزال مؤجلة رغم مرور 9 أشهر على الزلزال الملاحظ أن المتضررين جراء الزلزال الماضي عددهم ليس بالقليل، ولحد كتابة هذه الأسطر لا زالوا ينتظرون في مقررة الاستفادة التي تبين تصنيفهم، وتسمح لهم باستلام الشطر الأول من الإعانة، وهو ما جعلهم في حالة انتظار وترقب لهذه الوثيقة ليتم على ضوئها مباشرة الأشغال، فهي –حسبهم- ما يؤخرهم عن الشروع في أشغال عملية الترميم، وهو ما جعلتهم يقبعون تحت الخيم في مواجهة مستمرة لظروف المناخية القاسية، إلى جانب حرصهم الدائم على تجنب لسعات العقارب والأفاعي. هذا ويجمع الكل من منكوبي حي «الجبل» وكذا حي «عميرات» ببلدية «بني يلمان» عن عدم رضاهم على نوعية التكفل الذي يحظون به، ويذهبون إلى اعتباره "إجحافا"، بالرغم من التكفل الذي أولته الدولة للمنكوبين بما في ذلك المبلغ المقرر كتعويض موجه لترميم السكنات، ويقابل ذلك دفتر الشروط الذي يشترط بناءات مضادة لزلازل وهو ما يتطلب تدعيم الأساسات والدعائم بالحديد والخرسانة، إضافة إلى الغلاء الفاحش الذي تعرفه مواد البناء، وهو ما يجعل المنكوب بين أمرين، وفي سياق موازي، تطالب فئة أخرى بالإسراع في الإفراج عن مقرراتهم التي لم يستلموها إلى حد الآن، وهو النداء الذي أراد أصحابه عبر منبر "الأيام" أن يوصله إلى الجهات الوصية، وعلى رأسهم والي الولاية، بقصد السعي إلى انتشالهم من واقعهم الصعب، وإلى حين أن يتحقق ذلك تبقى معاناة هؤلاء قائمة إلى إشعار غير معلوم.