لم تمر ساعة واحدة عن الهزة الأرضية التي ضربت بلدية بني يلمان يوم 14 ماي الماضي بدرجة 2,5 على سلم ريشتر حتى سارعت السلطات المحلية وعلى رأسها والي الولاية وثلة من الوزراء إلى الالتفاف حول سكان المنطقة للتخفيف من جسامة الأضرار لا سيما في الجانب النفسي والمعنوي. واليوم بعد مرور شهر ونصف على الحادثة التي ألمت كذلك بسكان بلدية ونوغة يوم 17 ماي الماضي إثر هزة ارتدادية بلغت 0,5 على سلم ريشتر، يجمع المواطنون المنكوبون على الدور الكبير الذي قامت به الدولة تجاههم، حيث استطاعت أن تتكفل بمعظم المشاكل التي أسفر عنها الزلزال وتمكنت من اجتياز العديد من العراقيل على غرار التمدرس، الصحة وترميم السكنات. وبشهادة السلطات المحلية فإن الدولة وفرت كل الإمكانيات المادية والبشرية من أجل التكفل بالمتضررين من الزلزال، وأخذت على عاتقها منح الرعاية الكاملة للمواطن، في الوقت الذي طمأنت فيه بأن قضية التعويض عن الخسائر التي تشمل ترميم السكنات أو إعادة بناء سكنات جديدة تعرف مرحلة متقدمة من خلال استفادة 1720 عائلة منكوبة من دعم الدولة. يأتي ذلك في الوقت الذي انتهت فيه ببلدية بني يلمان وبلدية ونوغة عمليات المساعدة الإنسانية الأولية، وبدأت تصب الجهود في شقها المتعلق بالتعويض المالي للمتضررين، وكانت ''المساء'' قد زارت المنطقة واطلعت عن كثب على سير العملية على مستوى البلديتين.
الزلزال وتداعياته لقد اهتزت الأرض بعنف زوال نهار الجمعة من يوم 14 ماي في حدود الساعة الواحدة والنصف بمنطقة بني يلمان لتليها هزة ارتدادية قاربت نفس درجة الهزة الأولى بمنطقة ونوغة بعد يومين، حيث خلفت وفاة ثلاثة أشخاص مسنين ببني يلمان وجرح مالا يقل عن 140 شخصا في حصيلة رسمية كشفت عنها ولاية المسيلة، وهبّت فورها المساعدات الإنسانية من كل أرجاء الوطن وكانت الدولة قد سخرت 860 خيمة ببلدية ونوغة و901 ببلدية بني يلمان ووزعت من الأغطية حوالي 2854 وحدة و300 سرير و200 وسادة، كما تم تنصيب 90 خيمة من طرف الجيش الوطني الشعبي على شكل أقسام دراسية، واستفادت البلديتان من ست حافلات أي ثلاث لكل منها، وسخرت الدولة في اليوم الأول من الزلزال طاقما طبيا مكونا من خمسة أطباء جراحين و15 طبيبا عاما و50 عونا طبيا و7 أطباء نفسانيين وأربع فرق طبية متنقلة. وفي سياق آخر، فقد تم وضع فرقتين تتكونان من ستة خبراء جيولوجيين وضعوا كذلك 11 محطة لمراقبة الهزات الارتدادية. أما بالنسبة للخسائر المادية فقد قدرتها الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء عبر لجنتيها الموزعتين بالمنطقتين، ب20 بناية مصنفة في الخطر البرتقالي و154 بناية تم تصنيفها بالأخضر ولم يتم تسجيل أي بناية من التصنيف الأحمر وهذا بالنسبة للبنايات العمومية وفيما يخص البنايات الفردية فقد تم إحصاء 481 ضمن الخانة الحمراء، 1219 برتقالي و2708 أخضر. وقد استقرت الأوضاع بفضل التضامن والدعم الذي يلقاه المواطنون من المجتمع المدني، السلطات المحلية والدولة والزيارات التفقدية المتتالية لأعضاء الحكومة والبرلمان للاطمئنان على أوضاع المواطنين، ويبقى الأمل الوحيد للمنكوبين هو إعادة إسكانهم. ومازالت فرق الحماية المدنية بالمسيلة والسلطات المدنية والعسكرية وعلى رأسها والي الولاية تزور المنطقة بصفة شبه يومية للوقوف على مجمل الأضرار وتقديم كل لوازم المساعدة وكان وزراء زاروا المنطقة قد وعدوا بالتكفل التام بالضحايا والمتضررين عن طريق الإسكان المؤقت ثم بعد ذلك التكفل التدريجي بالإسكان الدائم عبر السكن الاجتماعي والريفي من خلال إنجاز أزيد من 300 سكن ريفي في كل بلدية على حدى، بعد أن انتهت الدراسات والمعاينة للخسائر والأضرار الناجمة عن الزلزال، كما تم التكفل أيضا بالمنكوبين المصدومين والمتأثرين نفسيا الذين فاق عددهم 300 شخص عبر البلديتين، وحسب مصادر طبية فقد غادر جميع الجرحى المستشفيات والمراكز الصحية المجاورة للبلدية في ظروف صحية معقولة. السكينة تعود إلى سكان بني يلمان وونوغة وقد لمست ''المساء'' خلال زيارتها لبني يلمان وونوغة بعد شهر ونصف من وقوع الكارثة الطبيعية تجاوز السكان للمحنة التي عصفت بهم خاصة بعدما أحسوا بقرب السلطات العليا في البلاد التي لم تتردد في الاستماع لانشغالهم ومشاكلهم، كما أن المنظر العام للبلديتين لا يوحي بأن زلزالا بقوة 2,5 على سلم ريشتر قد عصف بالمنطقة، وهذا ما يعكس الجهود السريعة التي قامت بها الدولة لاحتواء الكارثة ومحاولة محوها، إذ لا نكاد نلمح إلا خيما قليلة منصبة هنا وهناك. ولأن الجانب النفسي كان الهاجس الأكبر للعديد من المواطنين، فقد كشفت خلايا الإصغاء والمتابعة النفسية أن أغلب المواطنين خرجوا من وقع الصدمة النفسية التي تركها الزلزال بفضل التكفل التام بهم، ويتم بصفة دورية التنقل إلى المنكوبين لمعاينتهم وتفقدهم والتخفيف من الضغط النفسي الذي يعاني منه المتضررون.
كيف يتم التعويض؟ أكد كل من السيد قويدر جاجة نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبني يلمان والسيد ساكر محمد السعيد رئيس المجلس الشعبي البلدي لونوغة في حديثهما ل''المساء'' أن الأولوية في عملية التعويض ستكون للسكان الفعليين المتضررين، أما المواطنون من أصل المنطقة الذين يقطنون بمساكنهم فإنهم لن يستفيدوا من أي شكل من أشكال التعويض، وكشفا أن والي الولاية منح البلديتين مشروعين يتمثلان في إنجاز 300 سكن ريفي في كل بلدية وهي حصص مستقاة من وزارة السكن. وأضافا أن الاستفادة من خيمة لا يعني بالضرورة الحصول على سكن أو إعانة مالية، وعلى المواطنين الذين لم تتضرر مساكنهم العودة إليها وترك الخيم للمتضررين الحقيقيين، وأكد المتحدثان أنه تم الشروع في ترميم المرافق المتضررة وذلك فور الانتهاء من عملية الإحصاء التي شرعت مصالح الولاية في إجرائها، وأشارا إلى تفهم وتضامن المواطنين فيما بينهم. وحسب المصدرين فإن اللجنة التقنية لمراقبة البنايات هي الجهة المختصة الوحيدة المحددة للبيانات والمساكن المتضررة، ويذكر أن سلم التعويض يتمثل فيما يلي، المصنفون بالأحمر يعوضون ب100 مليون سنتيم، المصنفون بالبرتقالي 4 يعوضون ب70 مليون سنتيم، المصنفون ضمن البرتقالي 3 يعوضون ب30 مليون سنتيم، والمصنفون بالأخضر 2 يعوضون ب15 مليون سنتيم. وكشف السيد جاجة قويدر نائب رئيس بلدية بني يلمان عن آخر إحصاء للمنازل المتضررة حيث بلغت ,1175 منها 550 بناية باشرت اللجنة التقنية بتصنيفها، وأفاد أنه تم تصنيف 192 مسكنا ضمن الخانة الحمراء و142 ضمن البرتقالي الأحمر و250 ضمن البرتقالي الأخضر و581 ضمن الأخضر ,2 وأوضح أن كل المؤسسات التعليمية تم ترميمها وبقيت لمسات أخيرة لاستقبال تلاميذ الموسم الدراسي المقبل، كما تم رصد مبلغ قدره 100 مليون سنتيم من الولاية لترميم مسجد عمر بن عبد العزيز، وعن موعد انتهاء عمل اللجنة التقنية لمراقبة السكنات، أكد المتحدث أنها ستنتهي بعد دراسة كل الطعون وإيداعها عند الصندوق الوطني للسكن وديوان الترقية والتسيير العقاري وكشف في هذا السياق عن إمضاء دفتر شروط ل208 ملف إلى غاية نهاية الأسبوع الفارط. من جانبه، أوضح السيد ساكر محمد السعيد رئيس بلدية ونوغة أنه تم تسجيل 218 بناية مصنفة ضمن الخانة الحمراء، و360 بناية ضمن البرتقالي ,4 و450 بناية برتقالي 1052 ,3 بناية مصنفة ضمن الأخضر ,2 وكشف المتحدث عن 40 سكن في طور الإنجاز وقد بلغت نسبة العمل بها 40 بالمائة، وثلاثون مسكنا آخر تم إطلاق العمل فيها مؤخرا، وعلى صعيد آخر ستستفيد ونوغة من ثانوية جديدة بعد أن التزم وزير التربية في آخر زيارة قادته إلى المنطقة بالوقوف على آثار الزلزال، وطمأن كل سكان البلدية بأن الدخول المدرسي القادم سيتم بشكل عادي. وكشف رئيس البلدية أن 83 ملفا استوفى دفتر الشروط وهي من صنف الخانة الحمراء، كما استوفى 82 ملفا من مختلف التصنيفات دفتر الشروط أيضا، وأفاد أنه سيتم استلام الصكوك خلال الأيام القليلة المقبلة، وفي هذا الصدد، أوضح المتحدث أن عملية دفع التعويض ستتم عبر ثلاثة مراحل حيث يستلم المستفيد تعويضا ب100 مليون على ثلاث دفعات وهي 30 بالمائة ثم 40 بالمائة ف30 بالمائة، وب20 بالمائة ثم 30 بالمائة ثم 20 بالمائة بالنسبة للمتضررين من صنف البرتقالي، وتتم متابعتهم من طرف اللجنة التقنية لمراقبة البنايات لملاحظة عملية الترميم والبناء. وفي خطوة تعد الأولى من نوعها ولوضع حد للانتهازيين الذين ينوون الحصول على سكن على حساب المنكوبين، شدد المتحدث على أن الدولة ستراقب العملية قبل وبعد توزيع السكن ولا مكان للطفيليين فيها، حيث سيتم تصوير الشخص المتضرر من الزلزال أمام مسكنه قبل الترميم وبعده ويمضي تصريحا شرفيا بذلك. ويذكر أن بلدية ونوغة قد انتهت من إعداد القائمة النهائية للمستفيدين الشرعيين وسيتم بداية من هذا الأسبوع توزيع القرارات الرسمية للسكن الريفي، المقدر ب300 مسكن. مبعوثة المساء إلى المسيلة: دليلة مالك