سارع البنك المركزي الياباني إلى ضخ المزيد من السيولة في النظام المالي لتهدئة المخاوف التي صاحبت الدمار الهائل الناتج عن الزلزال الذي ضرب البلاد يوم الجمعة وتسبب في موجات تسونامي عاتية، وقام البنك أمس بضخ 8 تريليونات ين (98 مليار دولار) بعد يوم واحد فقط من ضخ 15 تريليون ين (184 مليار دولار) في أسواق المال ومن تخفيف السياسة النقدية لدعم الاقتصاد، وقد ساعد ضخ الأموال في استقرار أسواق العملة، لكن مؤشر نيكي هبط بشدة بعد أن حذّر رئيس الوزراء ناوتو كان السكان حول محطة فوكوشيما النووية من مخاطر تزايد الإشعاع الناتج عن أضرار في مفاعلات نووية في المحطة التي تبعد 240 كيلومترا إلى الشمال من العاصمة طوكيو. وهبط مؤشر نيكي في جلسة الثلاثاء بنسبة 14 بلمائة قبل أن يستعيد بعض الخسائر ليغلق عند 10.5 بالمائة، وهي أكبر خسارة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، ويقول محللون إن الحكومة اليابانية تستطيع اللجوء إلى سوق السندات المحلي الضخم من أجل إعمار المناطق التي دمرها الزلزال، لكن الحكومة تعاني في الأصل من دين ثقيل يصل إلى 200 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى بين الدول المتقدمة، ويقول «بيتر موريسي» أستاذ الأعمال في جامعة ميريلاند الأمريكية إن اليابان ستصبح أكثر فقرا بسبب هذه الكارثة وإن إعادة البناء سوف تستنزف ماليتها. ووافق مجلس إدارة البنك المركزي الياباني أول أمس على تيسير السياسة النقدية، كما سيقوم البنك بتوسيع نطاق برنامج شراء السندات بمقدار ما يعادل 486 مليار دولار، ويقول «هيروميشي شيركاوا» المحلل ببنك كريديت سويس ومحللون آخرون بمؤسسة باركليز كابيتال المالية إن الأضرار الذي خلفها الزلزال قد تصل إلى 15 تريليون ين (183 مليار دولار)، أي ما يعادل 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويشير «شيركاوا» إلى أن الخسائر المباشرة الناتجة عن تدمير المباني قد تصل إلى 6 تريليونات ين (73 مليار دولار)، يضاف إلى ذلك الخسائر الناتجة عن توقف الإنتاج، كما حذّر خبراء من أن الاقتصاد الياباني قد ينكمش لربعين متتاليين من العام. ضربة مؤلمة وتعد هذه التقديرات ضربة مؤلمة للاقتصاد الياباني الذي خسر مركزه كثاني أكبر اقتصاد بعد الولاياتالمتحدة لصالح الصين في العام الماضي بعد ضعف استمر لعقدين متتاليين، وقد ألحق الزلزال وموجات تسونامي أضرارا بأربع مقاطعات في الشمال الشرقي، وهي إيواتي ومياغي وفوكوشيما وإيباراكاي، تمثل مجتمعة نحو 6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لليابان. وأدى الزلزال إلى قطع إمدادات الكهرباء في أكثر المناطق تضررا كما سيجري تقنين الكهرباء في مناطق أخرى، وفقدت شركة كهرباء طوكيو خمس إمدادات الكهرباء المنتجة من المفاعلات النووية، كما أغلقت الموانئ في المقاطعات المتضررة وتوقف إنتاج مصانع الصلب، كما توقفت مصافي النفط عن العمل، وتسهم عمليات المناولة في الموانئ اليابانية بنسبة 7 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي، ويمثل استئناف الإنتاج تحديا أكبر من التحدي الذي مثله زلزال كوبي في 1995 بسبب اتساع الرقعة المتضررة. وتعد منطقة الشمال الشرقي منطقة رئيسية لإنتاج السيارات، حيث تنتشر فيها شبكة ضخمة من شركات إنتاج قطع غيار السيارات وشبكات الطرق والموانئ، وأعلنت عدة شركات عن توقف العمل في مصانعها بالمنطقة، ومن هذه الشركات تويوتا وهوندا وشركات أخرى مثل سوني وغيرها. وشعرت بآثار الزلزال كل اليابان، فقد توقفت القطارات في طوكيو أو كادت، مما منع ملايين الأشخاص من الوصول إلى أعمالهم، وتقول شركة أي إتس إس آي سابلاي البحثية إن أسعار مكونات التكنولوجيا قد ارتفعت بالفعل وإن انقطاع إمدادات هذه المكونات سوف يستمر لعدة أشهر، وتضيف الشركة أن الكارثة قد تؤدي أيضا إلى نقص في إنتاج الإلكترونيات. يشار إلى أن اليابان تنتج 40 بالمائة من استهلاك العالم من رقائق الذاكرة المستخدمة في التكنولوجيا بدءا من الهواتف الذكية وانتهاء بالحاسوب.