أكد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني «عبد العزيز بلخادم» أن الإصلاحات السياسية، التي تطرق إليها رئيس الجمهورية في رسالته الأخيرة بمناسبة ذكرى عيد النصر، ستتم وفق أجندة وأولويات محددة، مضيفا أن «التعديل الدستوري آت لا محالة»، ومن جهة أخرى أبدى «بلخادم» معارضته للفكرة المطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مسبقة، كما جدّد رفضه لانتخاب مجلس تأسيسي، مثلما تطالب به بعض التشكيلات السياسية. أوضح «بلخادم»، خلال نزوله ضيفا على حصة «تحولات» للقناة الأولى للإذاعة الوطنية، أن حزب جبهة التحرير الوطني سبق له أن دعا إلى مراجعة «جذرية» للدستور من أجل «تحديد نمط الحكم وتوسيع صلاحيات التمثيل الشعبي والرقابة بكل أشكالها»، وأضاف أنه «لا بد أولا من إعادة النظر في قانون الانتخابات لمناقشة بعض القضايا الأساسية»، داعيا الأحزاب السياسية إلى إبداء آرائها وأفكارها بشأن هذه «المسائل الهامة»، مؤكدا أن «التعديل الدستوري آت لا محالة»، وأن «الدستور الحالي تم وضعه في ظروف تغيرت الآن». وذكر «بلخادم» أن إصلاح مؤسسات الدولة كان من مضامين البرنامج الانتخابي للرئيس «بوتفليقة» عام 1999، مشيرا إلى أن الأولوية كانت أنذاك لحقن دماء الجزائريين واستعادة الأمن عبر مختلف ربوع الوطن، وفي هذا السياق قال «بلخادم» إن «الوقت قد حان للاستمرار في الإصلاح السياسي من أجل تجذير الممارسة الديمقراطية وتوسيع المشاركة السياسية من خلال الإصغاء إلى آراء المواطنين وكل الفاعلين في الساحة الوطنية»، وفي هذا الصدد جدد «بلخادم» معارضة حزبه لفكرة حل البرلمان وانتخاب مجلس تأسيسي، معتبرا أن الأولوية في الوقت الراهن ينبغي أن تكون لإعادة النظر في قانوني الانتخابات والأحزاب، تتبعها «مراجعة جذرية» للدستور من أجل «تحديد نمط الحكم في البلاد وتوسيع صلاحيات التمثيل الشعبي». وبخصوص استشارة رئيس الجمهورية للأحزاب السياسية حول الإصلاحات المزمع الشروع فيها رد «بلخادم» بالقول «إن الرئيس يستشير ويسمع مختلف الآراء» لأن المطالب -كما قال- «متعددة ومتفرقة ومتباينة»، معتبرا أن هذه الإصلاحات «تحتاج إلى أن يصغي إلى الآخرين ليتخذ القرار بناء على رأي الأغلبية»، وفي رده عن سؤال يتعلق بتغيير حكومي محتمل أوضح الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أن «التعديل أو التغيير الحكومي من صلاحيات رئيس الجمهورية» مضيفا أن الرئيس «سيتحين الفرصة الأكثر ملاءمة للإعلان عن هذا التغيير سواء كان جزئيا أو كليا»، وفي هذا الشأن استبعد «بلخادم» مشاركة أحزاب المعارضة في تشكيلة الحكومة (في حال تعديلها أو تغييرها) وهذا بالنظر إلى «مواقفها السابقة»، وفي سياق متصل جدد «بلخادم» مطلب حزبه القاضي بإعادة النظر في قانون الإعلام وكذا «تمكين كل القوى السياسية من التعبير عن رأيها في وسائل الإعلام السمعية البصرية»، بالإضافة إلى «عدم تجريم العمل الصحفي». وبخصوص الاحتجاجات التي تعرفها بعض مناطق الوطن اعتبر «بلخادم» أن «الشارع الجزائري تعود على مثل هذه الاحتجاجات التي يطالب فيها المواطن بتحسين أوضاعه الاجتماعية»، مشيرا إلى تسجيل قرابة 5 آلاف احتجاج عبر الوطن خلال سنة 2010 بسبب «الاحتقان الناجم عن البطالة وسوء توزيع السكن»، لكنه بالمقابل أكد أن الشعب الجزائري «الذي عاش سنوات الدم والدموع لا يريد بأي حال من الأحوال أن يغامر بأمن واستقرار وطنه» وهو ما جعله «لا ينساق وراء الدعوة للنزول إلى الشارع»، مشيرا إلى أن «المطالبة بالتغيير حق مشروع لكن ينبغي معرفة طبيعة هذا التغيير وتداعياته على أمن واستقرار البلاد»، مؤكدا أن «المهم أن يتم التعبير عن المطالب المرفوعة بطريقة سلمية وباحترام الممارسة الديمقراطية». من جانب آخر و لدى تطرقه إلى ما يجري في بعض الدول العربية أبرز «بلخادم» أن «التغيير ينبغي أن يكون نابعا من الشعوب وليس وفق ما تمليه أجندات خارجية»، مذكرا في ذات السياق بموقف الجزائر الرافض لأي تدخل أجنبي في شؤون دول تتمتع بالسيادة، كما أعرب عن «أسفه» لموقف الجامعة الدول العربية حول ما يجري في ليبيا وما تبعه من قصف جوي ضد هذا البلد، مشيرا إلى أنه «كان أجدى بالجامعة العربية أن تعمل على تفعيل الحوار داخل ليبيا من أجل حقن دماء أبناء الوطن الواحد»، كما انتقد «بلخادم» مجلس الأمن «الذي لم يتوان في اتخاذ قرار يبيح استعمال القوة ضد ليبيا لكنه لم يحرك ساكنا عندما تم قصف قطاع غزة من طرف الكيان الصهيوني»، وبخصوص دور إتحاد المغرب العربي في الأزمة الليبية دعا «بلخادم» إلى ضرورة «تفعيل وتوسيع دائرة التشاور في إطار ميثاق الاتحاد لاجتناب إراقة الدماء وتغليب لغة الحوار على العنف والدمار».