أعطى رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، «محمد الصغير باباس»، إشارات قوية بأن «الكناس» سيعتمد صرامة أكبر خلال المرحلة المقبلة في التعامل مع سياسات الحكومة، متوعدا بإعداد تقارير تكشف كافة عيوب الجهاز التنفيذي، واعترف في الوقت نفسه بأن الغليان الذي شهدته الجزائر في الأشهر الأخيرة دفع بهذه الهيئة إلى اتخاذ قرار بعقد جلسات عامة حول المجتمع المدني، داعيا إلى التحلي بمزيد من اليقظة في التعامل مع هذا الوضع. لم يتوان رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في الاعتراف بأن «ما عاشته الجزائر من غليان اجتماعي..يدفعنا إلى اليقظة»، مؤكدا خلال نزوله ضيفا أمس على حصة «تحوّلات» للقناة الأولى للإذاعة الوطنية، أن «المقتضيات الاجتماعية والاقتصادية دفعتنا إلى فتح فضاء المجلس أمام كل فئات المجتمع عبر تنظيم جلسات وطنية حتى نتمكن من تفعيل دور المجتمع المدني وتفعيل دور الكناس في الوقت نفسه». وحول مضمون «الجلسات العامة للمجتمع المدني» التي ستنعقد منتصف الشهر المقبل، أوضح «محمد الصغير باباس»أنها ستتناول أربعة ملفات هامة، من بينها كل ما له صلة بالاقتصاد والإنتاجية، إلى جانب الحماية الاجتماعية وكيفية ضمان ذلك حتى في حالة نقص البترول، وملف آخر مرتبط بكيفية تجديد النظرة حول الحكامة بما في ذلك الحكامة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب الملف الرابع، الذي يخصّ الشباب ومنه فتح النقاش حول مشاكل ومستقبل هذه الفئة. وأضاف المتحدث أن «الكناس» حرص من خلال المبادرة بتنظيم هذه الجلسات الأولى من نوعها، على إشراك كافة الفئات بما فيها من أسماه «الفئات التي ظهرت جراء ما عاشته البلاد» على غرار النقابات المستقلة النشطة في قطاع الوظيف العمومية، وتلك التابعة لقطاعات أخرى مثل التربية، التعليم العالي والبحث العلمي، الصحة العمومية، وأدرج ضمنها أيضا «التنسيقية الوطنية للبطالين» التي قال بشأنها «رغم كونها غير موجودة بشكل رسمي إلا أن الميدان فرضها وهو ما يُعطيها الشرعية». وفي هذا الموضوع تابع ذات المسؤول تفصيل الحديث بالإشارة إلى أن الهدف من هذه الجلسات يبقى بالأساس «تفعيل المجتمع المدني وتمكين كل الفئات من التعبير عن أفكارها وتصوراتها وطرح انشغالاتها وإشراكها في الحوار وفي ممارسة المسؤولية»، ثم أضاف «ستكون هذه الجلسات عُرسا للشباب»، معلنا حضور ممثلين عن 67 مجالس اقتصادية واجتماعية «بهدف توضيح بشكل جلي حقيقة ما يجري داخل الجزائر»، خصوصا وأنه لمح إلى وجود «أطراف كانت تُريد أن يحدث في الجزائر زلزال مثل تسونامي..». ومن أبرز ما جاء على لسان المسؤول الأوّل على «الكناس» الذي يُعتبر هيئة استشارية، إطلاقه بعض الرسائل التي توعد من خلالها بعدم التردّد في إعداد تقارير دورية تُعتمد فيها صرامة أكبر في التعامل مع سياسات وبرامج الجهاز التنفيذي، وهو ما بدا واضحا من كلامه «المجلس على عاتقه اليوم متابعة وتقييم الاقتصاد خارج المحروقات وكذا تقييم السياسات العمومية.. وعليه ستكون المتابعة والتقييم ذات فعالية أكثر باعتبار أن المعركة قوية»، ما يترك الانطباع بأن «باباس» تلقى الضوء الأخضر لتجاوز «لغة الخشب» التي باتت هذه الهيئة تعتمدها في تقاريرها الدورية بخلاف ما كانت عليه في عهد المرحوم «محمد الصالح منتوري». وفي معرض حديثه عن لقاء الثلاثية المرتقب عقده بعد غد بجنان الميثاق في العاصمة، صرّح «محمد الصغير باباس» أن الأهداف الأساسية لمثل هذا النوع من اللقاءات هو تحضير «مرحلة ما بعد البترول» وذلك عبر إعطاء المؤسسة دورها الأساسي، وكشف عن ارتقاب تنصيب لجنة داخل «الكناس» بعد عقد لقاء الثلاثية الثاني المرتقب شهر سبتمبر المقبل تكون مهمتها تقييم العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي. وأورد كذلك بأن المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي يعكف على إعداد خارطة طريق حول التنمية المحلية بالتنسيق مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية، حيث أشار إلى أن النقاش حولها سيبدأ من البلديات ثم الولايات مع اللجوء إلى تنظيم تجمعات جهوية والانتهاء إلى لقاء وطني يتم خلالها فتح النقاش على مصراعيه حول كافة العوامل التي تدخل في هذا الملف مع إشراك كل الفئات من جمعيات ومنظمات ومواطنين.