استضاف فضاء صدى الأقلام بالمسرح الوطني محي الدين باشطارزي الصحفي والروائي كمال قرور الذي أجاب على مختلف أسئلة الصحفيين وكذا الحضور من المهتمين بآخر إصدارات الحقل الأدبي، حيث سافر بهم ومعهم في عوالم جمالية تتعلق بروايته الموسومة “سيد الخراب”.. «سيد الخراب» رواية تناول من خلالها «قرور» الراهن العربي و الجزائري، و قد صدرت هذه الرواية مؤخرا عن دار فيسيرا للنشر، وقد بدأها الكاتب بمقدمة رائعة تمت العودة من خلالها إلى مقدمة ابن خلدون حيث تكشف عن وعي تاريخي و حضاري عميق، و التي تؤكد مقولة ابن خلدون أنّ ”الظلم مؤذن بخراب العمران” ، و قد أبدى كمال قرور من خلال الحوار و النقاش الذي دار بينه و بين الشاعرة “لميس سعيدي” التي أدارت النقاش بطريقة ذكية و سلسة أنّه كان من أشد المعجبين بكتابات ابن خلدون و طالما كان مواظبا على القراءة له رغم عدم استيعابه في أحيان كثيرة للأفكار و الأبعاد الحضارية التي يريد إيصالها، كما أكد أنّ ما كتبه ابن خلدون عزز ثقته بنفسه ككاتب و روائي، و قد مزج في روايته هذه بين الجانب المعرفي المؤسس على النظريات العلمية و الجانب الروائي الجمالي و الفني و الإبداعي، فهي رواية تمزج بين الواقع والخيال و الرمزي و المباشر، فالأدب بالنسبة لكمال قرور كما أوضح هو عبارة عن متعة كبيرة يدافع عنها أكثر من دفاعه عن الفكرة في حد ذاتها، فبناء الدولة و زوالها درسه العديد من المحللين و المنظرين في جانبه العلمي لكن تشريح هذا الموضوع عن طريق الجمال شيء مختلف تماما و يكون أكثر تأثيرا و جاذبية، حيث يعتمد الروائي على أسلوب السخرية و كذلك يركز على توظيف الأسطورة فيما يكتب، فالبنية الذهنية لمجتمعاتنا تؤمن بالخرافة و تتفاعل معها، و رواية “سيد الخراب” هي نوع من التنفيس و قفزة على مستوى الذات، فالشخصية المحورية في روايته “سيد الخراب” يجسدها السلطان المسمى ”سيدنا” و هو الحاكم الطاغية، هذا الأخير الذي تكون نهاية شره و جبروته على يد الحسناء “نطفة” التي تقضي على جبروت “سيدنا” بأنوثتها اليافعة و يتحول معها إلى قط و تتحول نطفة بدورها إلى يمامة و بالتالي يحل. الخراب بجمهورية الخراب، و قد اعتمد كمال قرور في روايته على اللغة السهلة و البسيطة. التي تقترب من الصحافة بحكم تجربته الإعلامية مع لغة الأساطير و الملاحم والسير الشعبية، و قد بقي الروائي كمال قرور وفيا للمنهج السردي الذي بدأه في روايته “التراس” و هو بهذا يرسم ملامح مقاربة جديدة في التوجه الروائي المعاصر. وفي الوقت الذي ننتظر فيه كقراء في الصفحات الأخيرة من الرواية عودته إلى أصل الحكاية يأخذنا في رحلة جديدة ومغايرة وكأننا بصدد بداية حكاية أخرى مختلفة عن الأولى هي إذن بداية ”تغريبة العصر” كما يسميها كمال قرور، والتي تحيلنا إلى ”تغريبة بني هلال” الشهيرة، لكنها تغريبة أخرى بطلها ”كريستوف كولومب الصين” الذي لم يكن إلا جاسوسا اكتشف أرض الخراب التي غزاها الصينيون في رحلة غزو جديدة و بنوا دولتهم على أنقاض الخراب الذي عمّر قرونا، فالرواية بحق يمكن إدراجها في زمرة الأعمال الجادة و الهادفة التي تنم عن وعي حضاري و تاريخي لكاتبها الذي يستقي أفكاره من مجتمعه الذي يتحول من خلالها العبث إلى سخرية ، و الحكاية المغلفة بالخرافة ليقول ما يراه في الواقع. نسيمة. ش * شارك: * Email * Print