أنهى حزب جبهة التحرير الوطني جدلا استمر لعدة أشهر عندما فصل أمس في ممثليه على مستوى هياكل المجلس الشعبي الوطني في انتخابات تواصلت حتى حدود الساعة الثامنة مساء من أجل معرفة الأسماء التي ستتولى المسؤولية خلال فترة سنة واحدة، وقد حرص الأمين العام للحزب، عمار سعداني، على الإشراف شخصيا على هذه العملية. تأخر انطلاق عملية انتخاب ممثلي جبهة التحرير الوطني في المجلس الشعبي الوطني إلى حدود الساعة الحادية عشر، حيث اضطرّ النواب إلى انتظار حضور الأمين العام عمار سعداني الذي أشرف شخصيا على انطلاقتها لتفادي أية حساسيات، وذكر مصدر برلماني أن الكثير من النواب ألحوا على ضرورة أن يكون سعداني متواجدا بالقاعة الرئيسية للندوات بالمجلس الشعبي الوطني حتى تسير العملية بكل شفافية لاسيما مع تواتر معلومات عن مساعي عدد من النواب التأثير على العملية. ولكن الأمور سارت بشكل عادي بعد أن خاطب سعداني نواب "الأفلان" بأن "اعتماد الصندوق ليس بالتقليد الجديد لدى الحزب"، وأكد ان حضوره لا يعني دعمه لطرف على حساب آخر "لكنني سأدعم من زكاه الصندوق"، وضمن هذا الاتجاه أضاف المتحدّث في كلمة أمام نواب الحزب قبيل الشروع في عملية الانتخابات أن "كل نواب الحزب سواسية في التنافس على المناصب داخل هياكل المؤسسة التشريعية"، مشدّدا على أنه "ليس غريبا عن تقاليد حزب جبهة التحرير الوطني الاحتكام للصندوق في عملية انتخابية شفافة"، قبل أن يجدّد التأكيد على أنه "لن أدعم أي طرف باستثناء من انتخب بواسطة الصندوق". وبعد المخاوف التي أثيرت في عهد عبد الرحمان بلعياط من تتحوّل العملية الانتخابية إلى مواجهة و"بزنسة"، أطلق الرجل الأوّل في الحزب العتيد إشارات بأن ما كان يروّج له غير صحيح "والدليل أن الكتلة البرلمانية للحزب لا تعرف مشاكل"، ثم أردف معلنا دعمه "لهذه الكتلة التي الكثير يتكلم عنها وكأنها لم تعرف الديمقراطية"، قبل أن يذكر بأيام شغله منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني "كنت على رأس المؤسسة ولم نعمد يوما أن عيّنا أشخاصا ينوبون عن النواب فيما يتعلق بشؤونهم". واعتبر الأمين العام لجبهة التحرير الوطني مخاطبا النواب أن "النائب يمثل الشعب أما رئيس لجنة يمثل مجموعة من النواب"، موضحا أن "الأفضل للنائب أن يكون ممثلا للشعب الذي انتخبه". وكان النواب قد صادقوا قبل بداية عملية الانتخاب على لجنة الترشيحات المكونة من سبعة نواب ورئيس للجنة ممثلا عن إدارة المجلس الشعبي الوطني، وبعد ذلك تفرّغ الجميع للعملية الانتخابية حيث ترشح 80 نائبا وتنافسوا على 27 منصبا، وهي خمسة نواب للرئيس وثمانية رؤساء لجان، وسبعة مقرري لجان إضافة سبعة نواب لرؤساء اللجان الدائمة، واستمرت الانتخابات لحوالي ست ساعات ولم تنطلق عملية الفرز إلا في حدود الساعة الرابعة بعد الزوال. يجدر التذكير أن الانتخابات جرت في ظروف عادية، لكن منطق التحالفات كان واضحا خاصة من خلال العدد الكبير من المترشحين، حيث أسالت مناصب نواب الرئيس ورؤساء اللجان لعاب الوجوه القديمة للحزب الذين شرعوا في حملة مسبقة من أجل افتكاك أكبر عدد من الداعمين. وقد حضر عمار سعداني جانبا من عملية الفرز وأشرف شخصيا على قراءة الفائزين في العملية في انتظار أن يرسّم التعيينات في المناصب خلال الأيام القليلة المقبلة في ظل الحديث عن إبعاد محتمل لرئيس الكتلة الحالي الطاهر خاوة الذي يكون لا يحظى بالإجماع.