علقت الشركة الوطنية لتسيير النقل بالسكك الحديدية مفاوضاتها مع شركة أوروبية كبرى تعمل في نفس المجال، وهي التي كانت ستمنحها صلاحية تسيير القطارات في مختلف ضواحي الوطن، جاء ذلك في وقت فشلت فيه الشركة الوطنية "أسنتياف" في تحقيق تسيير ناجع للنقل عبر هذا المجال الاستراتيجي. وحسب المعلومات التي أوردها مصدر حسن الاطلاع، فإن المفاوضات التي كانت ستفتحها الحكومة ممثلة في وزارة النقل مع شركة "إنفرابل" البلجيكية والتي عرفت قفزة نوعية في مجال النقل بالسكك الحديدية، إلى حد اختراعها لقطارات تسير بقوة الطاقة الشمسية في بلد قلما تطل فيه الشمس، تم تعليقها نظرا لعدم الاتفاق بين الطرفين، إلى جانب رفض الشركة اقتراحات "انفرابل" المتعلقة بخطة التسيير وعجزها على ضخ الغلاف المالي المطلوب. وقد تم تعليق المفاوضات قبل أن تتلقى الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية بطلب من الحكومة، الضوء الأخضر للدخول في حوار مع إحدى الشركات الأجنبية، من أجل منحها جزءا هاما من صلاحية تسيير وعصرنة قطاع النقل بالسكك الحديدية في الجزائر، والذي يشهد فوضى عارمة وخلط في المواعيد وما نتج عنه من حوادث مؤخرا، ليقع الاختيار على شركة "إنفرابل" البلجيكية، ويتم إلغاء المفاوضات بعد ذلك. وكان عدد من الشركات الأوروبية الهامة محل دراسة وزارة النقل والشركة الوطنية لتسيير النقل عبر السكك الحديدية من أجل اختيارها كشركة قادرة على معالجة أزمة "أسنتياف" وعصرنة القطاع، على غرار شركات فرنسية وألمانية وبلجيكية، حسب تفاوت قدراتها وخبراتها في تسيير قطاعاتها، إلا أن شركة "إنفرابل" لقيت موافقة الأغلبية بحكم تسييرها الناجع لهذا المجال في بلجيكا والذي جعلها تحتل المرتبة الأولى في أوروبا، بينما تم استبعاد فتح مفاوضات مع شركة "تاليس" البلجيكية المكلفة بتسيير القطارات السريعة، لتسيير نظيرتها في الجزائر. وأشار المصدر ذاته، أن اختيار "إنفرابل" كشركة للدخول معها في مفاوضات لتسيير حركة القطارات في الجزائر، كان قد لقي معارضة بعض الأطراف المسؤولة سواء بوزارة النقل أو بالشركة الوطنية لتسيير النقل بالسكك الحديدية، وذلك تحججا بالأزمة التي يعرفها مجال السكك الحديدية في بلجيكا والتي دفعت الإدارة إلى الدخول في إضرابات، إلا أن الأمر فصل فيه لكون الإضراب والأزمة لا يتعلقان بالتسيير، وإنما جاء لغرض طلب تسيير السكك الحديدية لشركة واحدة فقط وعدم إقحام شركة أخرى فيها. ولم تنجح جهود الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية منذ تأسيسها، في دفع عجلة التنمية بالشركة، لا من ناحية تسيير حركة القطارات، التي تعرف اضطرابا ملحوظا يترجمه اختلاط المواعيد، والتأخيرات المتواصلة للقطارات وما نتج عنه من تذمر للمسافرين، وعزوف أغلبهم عن اتخاذ هذه الوسيلة، ولا من ناحية التسيير الإداري وأوضاع العمال التي عرف من أجلها القطاع وضعا يخيم عليه إضرابات واحتجاجات مختلفة، ولعل نجاح تسليم التسيير لشركة "انفرابل" كان سيرفع من شأن "أسنتياف" ويقص نسبة هائلة من المشاكل المتعلقة بالتسيير الفوضوي الذي تشهده، ولكن "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" بعد إلغاء الاتفاق لأبعاد مجهولة.