الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    جبهة المستقبل تحذّر من تكالب متزايد ومتواصل:"أبواق التاريخ الأليم لفرنسا يحاولون المساس بتاريخ وحاضر الجزائر"    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    المحترف للتزييف وقع في شر أعماله : مسرحية فرنسية شريرة… وصنصال دمية مناسبة    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    مذكرات اعتقال مسؤولين صهاينة: هيومن رايتس ووتش تدعو المجتمع الدولي إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    قرار الجنائية الدولية سيعزل نتنياهو وغالانت دوليا    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد إسماعين    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    تعزيز روح المبادرة لدى الشباب لتجسيد مشاريع استثمارية    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    4 أفلام جزائرية في الدورة 35    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    بورصة الجزائر : إطلاق بوابة الكترونية ونافذة للسوق المالي في الجزائر    إلغاء رحلتين نحو باريس    البُنّ متوفر بكمّيات كافية.. وبالسعر المسقّف    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    المغرب: لوبي الفساد يتجه نحو تسييج المجتمع بالخوف ويسعى لفرض الامر الواقع    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    الشباب يهزم المولودية    سباق الأبطال البليدة-الشريعة: مشاركة أكثر من 600 متسابق من 27 ولاية ومن دول اجنبية    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    العدوان الصهيوني: الأوضاع الإنسانية في غزة تزداد سوء والكارثة تجاوزت التوقعات    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفع العلم الفلسطيني خطوة وليست بديلا
نشر في الأيام الجزائرية يوم 12 - 09 - 2015

تعيش القضية الفلسطينية أسوأ مراحلها التاريخية على الإطلاق ،حيث الدول العربية منكفئة على ذاتها، تقارع مشاكلها الداخلية التي انتقلت كالنار في الهشيم ، من بلد إلى آخر، فلم تُبق ولم تذر، وما فرضه ذلك من حالة استقطاب واسعة لهذه الجهة أو تلك، كرّسها كذلك واقع الاصطفاف السياسي وحتى الطائفي الذي يعيشه العالمين العربي والإسلامي، واقع لم تسلم منه حتى ما كانت إلى وقت قريب توصف بأنها كيانات واتحادات متجانسة غير قابلة للتصدّع والشرخ "مجلس التعاون الخليجي " مثلا ، حيث وصلت الخلافات فيه إلى درجة سحب السفراء، والنتيجة مزيدا من الانقسام الفلسطيني الذي لم تُفلح في التخفيف من حدته بعض ما تحقق من نجاحات وانجازات ، بدءًا بالانضمام إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي، وانتهاء بالتصويت الأخير لصالح رفع العلم الوطني للدولة الفلسطينية خارج المبنى الرئيسي لهيئة الأمم المتحدة، برسم 119 تأييدا، مقابل 8 اعتراضات، في ظل هذا الوضع ، أليس من الضروري أكثر من أي وقت مضى ، أن يتّكئ الفلسطينيون على كل ما يمكن أن يحقق الوفاق الوطني ، في وقت لم يعد للفلسطينيين من ظهير يحتمون به سوى فلسطينيتهم ووحدة صفّهم ،بل أن كل ما شهدته محطات نضال الشعب الفلسطيني من نجاحات ،إنما تم تحت راية الوحدة والتوافق الوطني الفلسطيني.
الأيام الجزائرية/ زهير الشمالي
أعلن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون تأجيل انعقاد اجتماعات المجلس التي كانت مقرّرة الأسبوع الجاري، في خطوة يرى الملاحظون أنها مقدّمة لوفاق وطني يُتيح الفرصة لجمع شتات مختلف الأطراف حول القضية الوطنية، وجاء التأخير، حسب مصادر نقلت الخبر، لمدة ثلاثة أشهر.
وكان 16 عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قد وقّعوا على رسالة موجّهة لرئيس المجلس، يطالبونه فيها بتأجيل موعد انعقاد المجلس الوطني إلى ما قبل نهاية العام الحالي، إلى جانب الحديث عن وجود عريضة، وقّعت من قبل نحو ألف شخصية سياسية وأعضاء من المجلس الوطني تطالب بالتأجيل، إلا أن السبب الحاسم للتأجيل حسب رأي المتتبّعين يرجع إلى "أزمة فتح".
ويعيش المشهد الفلسطيني في الآونة الأخيرة على وقع أزمة، يتصدّر وقائعها، ما أطلق عليه "مناورة استقالة الرئيس محمود عباس"، من رئاسة منظمة التحرير، بعد قرار تأجيل اجتماع المجلس الوطني، المزمع في ال14 وال15 من الشهر الجاري، ويرجع المتتبعون للوضع، أسباب الأزمة إلى خلافات حركة "فتح"، التي خرجت من يده، حيث يقولون إنه لم يعد نافذ الكلمة حول من سيتم تعيينه في اللجنة التنفيذية للمنظمة.
وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير، قد أعلنت أنها ستقاطع جلسات المجلس الوطني الذي يُعدّ أعلى سلطة تمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، ويقول المعارضون لعقد الاجتماع إن الهدف من عقده هو الإطاحة ببعض أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة المعارضين للرئيس عباس، وهو ما تنفيه المنظمة وحركة التحرير الوطني الفلسطيني.
حركة الجهاد الإسلامي تثمّن الخطوة
اعتبرت حركة "الجهاد الإسلامي في فلسطين" أن تأجيل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني برام الله خطوة وطنية ناجحة عكست توافقا وطنيا من كل الفرقاء وأظهرت الحرص على منع تكريس وتعزيز الانقسام، وقال القيادي في الحركة الشيخ خالد البطش، إن خطوة تأجيل عقد اجتماع المجلس الوطني "عبّرت عن قوّة الموقف الفلسطيني عندما يتوحّد على رؤية موحّدة من قضية محدّدة مهما بلغت"، مضيفا أنه لم يكن المطلوب تأجيل الجلسة من أجل التعطيل فقط.
ودعا البطش الرئيس محمود عباس للانتقال إلى الخطوة التالية، وهي البدء بانعقاد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، ليضع الأسس اللازمة لترتيب البيت الفلسطيني وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني وعودة المنظمة لدورها في إدارة الصّراع مع العدو الإسرائيلي وليس صلاحية إدارة التفاوض فقط.
وقال إن "هذا يستدعي سرعة البدء بالخطوة، وليس فقط التمسّك بها"، معربا عن أمله أن تكون إحدى نتائج لقاء الرئيس عباس مع الرئيس عبدالفتاح السيسي بالقاهرة "هي الترتيب لعقد اللقاء بالقاهرة كخيار رقم واحد، لاستضافة جلسة الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية".
جاء هذا في أعقاب إعلان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، في مؤتمر صحفي برام الله، نهاية الأسبوع المنصرم تأجيل عقد اجتماع المجلس المقرّر منتصف الشهر الجاري، والبدء بمشاورات لعقد جلسة عادية، مشيرا إلى أن التأجيل يأتي ل"إفساح المجال لكل القوى الفلسطينية للمشاركة في المجلس وتحمل مسؤولياتها".
وكشفت فصائل اليسار الفلسطيني، باستثناء الجبهة الشعبية، منذ اليوم الأول للحديث عن عقد المجلس الوطني، عن ممثليها، حيث ثبتت الجبهة الديمقراطية عضوية تيسير خالد في اللجنة التنفيذية، فيما أعلن الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" عن تمسّكه بصالح رأفت ممثلا عنه في اللجنة التنفيذية، بينما قام الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي، بترشيح نفسه أمام اللجنة المركزية للحزب مطلع الأسبوع الحالي، على مقعد الحزب في اللجنة التنفيذية، ليجمع بذلك بين ثلاثة مناصب وهي، أمانة حزب الشعب، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، وعضو المجلس التشريعي، ولكن خطوته سببت توترا شديدا داخل أروقة الحزب ، ولا سيما بعد انسحاب منافسيه الاثنين في الحزب، وليد العوض من غزة، وحنا عميرة، العضو الحالي في اللجنة التنفيذية، في تعبير عن الغضب وليس انسحاباً بالتراضي أو التوافق، وفق ما نقلته تحليلات للحادثة.
وساد الإرباك والاستغراب الشارع الفلسطيني، الذي راقب، منتصف الأسبوع المنصرم كيف وقّع 16 عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على رسالة موجّهة لرئيس المجلس الوطني، سليم الزعنون، يطالبونه فيها بتأجيل موعد انعقاد المجلس الوطني إلى ما قبل نهاية العام الحالي، بعد أقل من شهر على تقديم الغالبية الساحقة من هذه الأسماء استقالات، توجّهت الأنظار إليها على أن هدفها كان إفقاد اللجنة نصابها، تمهيداً لعقد طارئ للمجلس الوطني، إلا أن الجواب على هذا الانفصام بالنسبة للكثير يكمن في كلمتين هما "أزمة فتح".
لكن عضو اللجنة التنفيذية، أحمد مجدلاني، يرى أنّ التوجّه نحو تأجيل انعقاد المجلس الوطني "بات أمراً حاسماً لإعطاء مجال لمزيد من التحضير الجيد لعقد المؤتمر، فضلاً عن عدم القدرة على تجاوز المعوقات الحالية من منع حركة حماس أعضاء المجلس الوطني من الخروج من قطاع غزة، وعدم ردّ سلطات الاحتلال على السماح للأعضاء بالحضور حتى اللحظة"، كما يتّفق معظم أعضاء اللجنة التنفيذية، على القول إنّ أسباب التأجيل تتلخّص في عدم التحضير ومقاطعة الجبهة الشعبية، وهو ما يعني أن عقد الاجتماع في ظل غياب الجبهة الشعبية و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" لا يخدم مساعي منظمة التحرير، علماً بأن الفصيلين الأخيرين ليسا أعضاء في منظمة التحرير، كذلك يتحدّث هؤلاء عن وجود عريضة وقّعت من قبل نحو ألف شخصية سياسية وأعضاء من المجلس الوطني تطالب بالتأجيل، إلا أن السبب الحاسم والرئيسي للتأجيل هو "أزمة فتح" حسب ما تؤكده مصادر عدة.
وتؤكد مصادر متطابقة أنّ "الاستقالات التكتيكية لعباس ومجموعة من الشخصيات معه من عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بناء على رغبة الرئيس الفلسطيني، الذي كان يهدف من ورائها إلى إعادة هندسة منظمة التحرير وحركة فتح بشكل أكثر طواعية، سرعان ما كشفت عن قوى معاكسة داخل الحركة ضدّ إرادة عباس، ترفض هندسة المشهد السياسي المقبل حسب ما يريد الرئيس الفلسطيني.
التحديات في بيت "فتح"
تكشف مصادر من حركة "فتح" أن التحالف اليوم في "فتح" كالتالي؛ حلف أوّل يمثله عباس والأمن ممثلاً باللواء ماجد فرج، ويرغب عباس في إبقاء صائب عريقات في اللجنة التنفيذية، إلى جانب محمود العالول وعزام الأحمد، في المقاعد الرسمية لحركة "فتح" في المنظمة، فيما سيدفع لعضوية المستقلين كلاًّ من نبيل أبو ردينة، رمزي خوري، رامي الحمد لله وزياد أبو عمرو.
في المقابل، تشير المصادر نفسها إلى أنه "يتمترس في التحالف المضادّ غالبية مراكز القوى الفتحاوية في المجلس المركزي، مثل جبريل الرجوب، توفيق الطيراوي، سلطان أبوالعينين، آمال حمد، ناصر القدوة، زكريا الآغا، جمال المحيسن، حسين الشيخ، عباس زكي، وعلى الرغم من أن الأسماء الأخيرة تجمعها أجندات مختلفة، وعلى خلافات بين بعضهم بعضاً، إلا أنها توحّدت في موقف واحد".
ووفقاً لهذه المصادر فإنه "يوجد تمترس قوي ضدّ صائب عريقات، الذي يسعى لرئاسة اللجنة التنفيذية والسلطة الفلسطينية"، وحسب المصادر، فإن معارضي عريقات يأخذون عليه أنه "قفز قفزات سياسية كبيرة مقارنة بتاريخه في حركة فتح"، وينظرون إليه على أنه "ركب آخر عربة في قطار فتح، لكنه يطمح الآن إلى قيادة القطار".
ويرى هؤلاء أن وجود عزام الأحمد وصخر بسيسو، في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لن يقود إلى تفرّد عريقات لاحقاً، وسيبقي موازين القوى لصالحهم، وهو الأمر الذي يرفضه عباس بإصراره على وضع الأسماء المذكورة أعلاه، أخذاً بعين الاعتبار قربها منه وتأييدها لنهجه وعدم تشكيلها خطراً حقيقيّاً على عريقات في حال وصل إلى رأس المنظمة.
وفي السياق نفسه، تفيد مصادر من حركة "فتح" أنه "أمام التحدّي غير المسبوق الذي يواجهه عباس داخل فتح، لأوّل مرّة منذ توليه رئاسة السلطة والمنظمة في عام 2005، خرج منتصف الأسبوع المنصرم بقرار، وصفوه بأنه يسعى لإجهاض طموحات حلف المركزية المعارض له، ومفاد هذا القرار الذي تتم مناقشته الآن في البيت الفتحاوي أنه لا يحق لمن ترشح لانتخابات اللجنة المركزية لحركة فتح في المؤتمر المخطط عقده في نوفمبر من العام الحالي، أن يُنافس على مقاعد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير".
بين الوفاق والرحيل.. فلسطين تنتظر
وتنظر حركة "فتح"، حسب تصريح مصادرها، إلى أن "عباس، عكَس قواعد اللعبة التي وضعها بنفسه، إذ كان يسعى من وراء عقد المجلس الوطني قبل عقد المؤتمر السابع لحركة فتح، الإستقواء بشرعية أعضاء الحركة في اللجنة التنفيذية، الذين رشّحهم ودعمهم، بحيث يُصار لانتخاب ذات الأشخاص في اللجنة التنفيذية أو حلفائهم للجنة المركزية لحركة فتح، التي كان يطمح إلى تغيير جذري فيها، لكن من الواضح أنه أسقط بيده".
ويخشى مقرّبون من الرئيس الفلسطيني أن يقوده الوضع الراهن من عناد أقطاب مركزية "فتح"، وعدم استطاعته هندسة المنظمة و"فتح" كما يريد، إلى استقالة فعلية.
وفي السياق نفسه، يقول المحلّل السياسي، هاني المصري، الذي أطلق عريضة تطالب بتأجيل عقد المجلس الوطني تحت عنوان "نحو مجلس وطني يعيد بناء الوحدة"، إنّ عباس "كان يريد أن تكون منظمة التحرير وفتح أكثر طوعاً له مما هي عليه الآن، لكن أمام العنصر الحاسم، وهو أزمة فتح، إلى جانب التطورات الأخيرة من مقاطعة الشعبية، وتوقيع ألف شخصية وطنية على البيان، أمام عباس خياران إما أن يرجع إلى الوراء أو يرحل".
ويشير المصري إلى أنّ "تأجيل المجلس الوطني جعل عباس في مأزق أكثر مما سبق، ومطلوب منه أن يتجاوب مع المنظمة وفتح والشعب، أو أن يرحل، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ربما يفجّر مفاجأة أمام الجمعية العمومية في الأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري، عبر تقديمه استقالته أمامها، وبالتالي تسليم مفاتيح السلطة للأمم المتحدة، وليس لإسرائيل كما كان يقول سابقاً".
عباس يسعى إلى ترتيب الأوراق
يرى فريق من المحللين السياسيين وكتاب فلسطينيون، أن استقالة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، تهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق في الساحة السياسية الداخلية.
يقول هاني المصري، مدير مركز مسارات لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية في رام الله، إن "الرئيس يشعر بأنّ هناك تحديات داخلية، وخارجية، عليه أن يتعامل معها، لهذا هو يريد عقد المجلس الوطني في أقرب وقت، وتشكيل لجنة تنفيذية بأعضاء جدد، تنفذ ما يراه مناسباً مع طبيعة المرحلة الراهنة، وقد يسعى عباس من خلال إحياء منظمة التحرير وإعادة هيكلتها، إلى تفعيل دورها في حلّ الكثير من القضايا العالقة، وفي مقدمتها تحقيق المصالحة الداخلية، وإنهاء الانقسام".
غير أنه استدرك بالقول "يخشى الرئيس مما يتردّد في الأوساط الإعلامية، من أن حركة حماس تسعى إلى اتفاق مع إسرائيل حول تهدئة طويلة الأمد، وهو ما يعتبره قراراً منفرداً، قد يؤدي إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، ويستوجب رفضه والتصدي له وطنيا".
وأشار المصري، إلى أن القضية الفلسطينية في أمس الحاجة، إلى ما وصفه بهندسة هيكلة منظمة التحرير من جديد، للقيام بدورها في التصدي للاستيطان الإسرائيلي، والانقسام، وجلب الدعم للملف الفلسطيني، خاصة في ظل التغيّرات الإقليمية والدولية، غير أنه رأى ضرورة إشراك كافة الفصائل وفي مقدمتها حركة حماس للخروج ببرنامج سياسي موحد".
ويتفق عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، برام الله، مع المصري في أن الهدف من استقالة عباس هو ترتيب أوراق الساحة الداخلية، ولكن "بما يتناسب مع سياسته"، وقال قاسم إن "الرئيس عباس يهدف من عقد الجلسة الاستثنائية المرتقبة للمجلس الوطني، إلى انتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير بأشخاص لا يخالفونه في الرأي، ولا في اتخاذ القرار".
وكانت مصادر في اللجنة التنفيذية، قالت في وقت سابق إن عباس يسعى إلى إجراء انتخابات لاختيار لجنة تنفيذية جديدة، للتخلّص من بعض أعضاء اللجنة الحالية، كعضوها ياسر عبد ربه، الذي كان يشغل أمين سر اللجنة قبل إعفائه من المنصب، وانتخاب كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات بدلاً منه.
وحسب قاسم "في هذه المرحلة، لا يريد الرئيس عباس لأحد أن يعارضه، سواء عبد ربه، أو المقربين من القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، هناك مأزق تعيشه فتح داخلياً، وواضح أن القرارات الأخيرة تسعى لمرحلة سياسية جديدة وفق طواعيته".
وفي هذا الصدد، يرى قاسم، أنه بإمكان الرئيس القيام بتفعيل حقيقي لدور منظمة التحرير، من خلال إشراك كافة الفصائل والقوى، والعمل على إعادة ترتيب البيت الفلسطيني بما يتناسب مع حجم التحديات الداخلية والخارجية.
ولا يرى يحيي رباح، القيادي في حركة فتح، وراء هذه الاستقالة "إقصاءً لأي شخص، أو أي فصيل"، وأوضح رباح أن "الرئيس يريد عقد جلسة استثنائية للمجلس الوطني، بهدف ترتيب الأوراق في الساحة الداخلية"، معتبراً ذلك "حالة من الاستنهاض الوطني الضروري"، وأعرب رباح عن أمله في أن تدعم حركة حماس وكافة الفصائل ما وصفه بإعادة الحياة لمنظمة التحرير، وأن تشارك في رسم المشهد السياسي وفق "إطار وطني"، والعمل على حلّ كافة المشاكل العالقة.
وقال سليم الزعنون، رئيس المجلس الوطني، في تصريحات سابقة، إن المجلس سيعيد انتخابات أعضاء اللجنة التنفيذية في حال تعذّر عقد جلسة عادية للمجلس، وفي حال انعقاد دورة عادية ينتخب المجلس جميع أعضاء اللجنة باعتبار أن أغلبيتها قدمت الاستقالة.
فلسطين.. المستقبل فيما هو آت
ألقى ياسر عرفات خطابا تاريخيا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر عام 1974، أكّد فيه أن القضية الفلسطينية تدخل ضمن القضايا العادلة للشعوب التي تعاني من الاستعمار والاضطهاد، واستعرض الممارسات الإسرائيلية العدوانية ضدّ الشعب الفلسطيني، وناشد ممثلي الحكومات والشعوب مساندة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعودة إلى دياره، وفي ختام كلمته قال "إنني جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تُسقطوا الغصن الأخضر من يدي.. الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين".
وفي شهر أفريل عام 1989، وافق المجلس المركزي الفلسطيني على تكليف ياسر عرفات برئاسة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفي ال8 جانفي عام2001 أعلن عرفات رفضه للمقترحات الأمريكية التي قدمها الرئيس بيل كلينتون للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي تضمّنت التنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتحويل القدس إلى مدينة مفتوحة فيها عاصمتان واحدة لليهود وأخرى للفلسطينيين.
يعتبر الرئيس ياسر عرفات من شخصيات الصراع العربي الإسرائيلي المحورية، التي ارتبط اسمها بالقضية الفلسطينية طوال العقود الخمسة الماضية، ولا يزال عنصرا فاعلا في الساحة السياسية، ومحرّكا رئيسيا لأحداثها، رغم مضي سنوات طويلة عن رحيله.
وقد استطاع عرفات أن يخطو خطوات كبيرة في مسيرته النضالية لصالح قضية وطنه فلسطين، ويعتبر جمعه لشمل الفلسطينيين أحد أكبر إنجازاته، رغم محاولات الاحتلال الإسرائيلي تقسيم الفلسطينيين، والتغلغل وسط المناضلين والقادة، لتفريق كلمتهم والتخلّص من خطر الوحدة الفلسطينية.
اليوم، يعيش القادة الفلسطينيون جوًّا من الصراع والنضال لأجل القضية الفلسطينية، كما من قبل، لكن الصراع في أيامنا هذه، يتم في ظل منافسة بين القادة الفلسطينيين أنفسهم حول المكاسب السياسية، ما يضعف قوتهم ويشغلهم عن الهدف الأسمى، وهو تحرير فلسطين، لذلك فإن قرار تأجيل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني إلى وقت لاحق، هو فرصة من ذهب لإعادة تنظيم البيت الفلسطيني والانطلاق بنفَسٍ جديد في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
رفع العلم الفلسطيني خطوة وليست بديلا
وكانت هيئة الأمم المتحدة، قد تبنّت قرارا برفع علم "الدولة الفلسطينية"، خارج المبنى الرئيسي ومكاتبها، وجاء التصويت لصالح رفعه، ب119 تأييدا، مقابل 8 اعتراضات، وقالت السفيرة الأمريكية للأمم المتحدة، سمانثا بور في كلمتها "رفع العلم الفلسطيني خارج مقرّ الأمم المتحدة لا يعتبر بديلا عن المفاوضات، ولن يقرّب الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى السلام"، وكانت واشنطن قد صوّتت ضدّ رفع العلم الفلسطيني، ما دفع بور لتبرير موقف بلدها بالقول إن أمريكا ليست ضدّ إقامة دولة فلسطينية، مضيفة بأن واشنطن لا تؤيّد الوضع القائم ولا تعارض قيام دولة فلسطينية.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية تصريح السفير رياض منصور "مع اعتماد قرار رفع العلم الفلسطيني يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات ملموسة دون تأخير، وفقا لمسؤولياته السياسية، والقانونية، والأخلاقية، ولقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإعطاء حقوق الشعب الفلسطيني".
يشار إلى أن فلسطين حصلت منذ ال29 نوفمبر عام 2012، على صفة "دولة مراقب"، في هيئة الأمم المتحدة، وليست عضوا، وذلك بعد تصويت تاريخي ب138 صوتًا مؤيدًا و9 أصوات معارضة، واحتفاظ 41 دولة بصوتها، من أصل 193 دولة عضو في الجمعية العمومية.
المجلس الوطني الفلسطيني في نقاط
المجلس الوطني هو بمثابة برلمان منظمة التحرير، ويضمّ ممثلين عن الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين، وقد تأسّس عام 1948 ولم يعقد منذ عام 1996 أيّ دورة عادية، ويضم المجلس، البالغ عدد أعضائه 740 عضوا، ممثلين عن الفصائل كافة، باستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وأعضاء المجلس التشريعي، وممثلين عن الاتحادات والنقابات ومستقلين، ويرأسه حاليا، سليم الزعنون.
ويعتبر المجلس الوطني الفلسطيني الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني، داخل فلسطين وخارجها، لسكان المناطق المحتلة عام 1967، والمناطق المحتلة عام 1948، واللاجئون الفلسطينيون في مختلف مناطق لجوئهم، وفلسطينيو المنفى، وهو السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها.
وكانت بدايات العمل التنظيمي على المستوى الوطني الفلسطيني قد بدأت مع عام 1919 حيث شهدت فلسطين ما عرف بالمؤتمر العربي الفلسطيني، وهو مؤتمر تمثيلي عقد باسم عرب فلسطين سبع دورات بين أعوام 1919 و1928.
بعد نكبة فلسطين عام 1948،عبّر الشعب الفلسطيني في مؤتمر غزة الذي دعت إليه الحركة الوطنية في مطلع سبتمبر 1948 عن إرادته في الاستقلال وإقامة حكومة حكم وطني على كامل فلسطين، وجسّد تلك الإرادة في إنشائه لحكومة عموم فلسطين حين قام الحاج "أمين الحسيني" بالعمل على عقد مجلس وطني فلسطيني في غزة، مثّل أول سلطة تشريعية فلسطينية، تقام على أرض الدولة العربية الفلسطينية التي نصّ عليها قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947، حيث قام المجلس حينذاك بتشكيل حكومة عموم فلسطين برئاسة "حلمي عبد الباقي"، الذي مثل فلسطين في جامعة الدول العربية.
Share 0
Tweet 0
Share 0
Share 0


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.