الندم على الذنب والإنابة إلى الله تعالى أعظم لحظات الإفاقة في مسيرة الإنسان في حياته، وإذا كانت هذه الإنابة قائمة على فطنة كبيرة صارت توبة وعد الله صاحبها بأن يخرجه من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وقد وردت أحاديث كثيرة حول هذه المسألة، تعظيما لأمرها وتحريضا على فعل الطاعات، وقد قال الله تعالى "وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا"، وعن «أبي أمامة» رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم "ليس شيء أحب إلى الله تعالى من قطرتين وأثرين؛ قطرة دموع من خشية الله وقطرة تهرق في سبيل الله، وأما الأثران؛ فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله تعالى"، أخرجه «الترمذي»، وعن «أبي هريرة» رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله تعالى حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم"، أخرجه «الترمذي»، وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله"، وذكر منهم رجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه. دروس تسيل العيون عن «العرباض بن سارية» قال "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة سالت منها العيون ووجلت منها القلوب"، أخرجه «أحمد» و«الترمذي»، وكان «الضحاك بن مزاحم» إذا أمسى بكى، فيقال له "ما يبكيك؟" فيقول "لا أدري ماذا صعد اليوم من عملي"، وقال «ثابت البناني» "كنا نتبع الجنازة فما نرى إلا متقنعا باكيا أو متقنعا متفكرا، وقال «كعب الأحبار» "لأن أبكي من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهبا"، وقال «قتادة» "كان العلاء بن زياد إذا أراد أن يقرأ القرآن ليعظ الناس بكى وإذا أوصى أجهش بالبكاء"، وقال الإمام «الذهبي» "كان ابن المنكدر إذا بكى مسح وجهه ولحيته من دموعه ويقول: بلغني أن النار لا تأكل موضعا مسته الدموع"، وعن «يحيى بن بكير» قال "سألت الحسن بن صالح أن يصف لنا غسل الميت، فما قدرت عليه من البكاء".