الله هو الإسم الذي تفرد به الحق سبحانه وخص به نفسه، وجعله أول أسمائه وأضافها كلها إليه ولم يضفه إلى أسم منها، فكل ما يرد بعده يكون نعتا له وصفة، وهو إسم يدل دلالة العلم على الإله الحق، وهو يدل عليه دلالة جامعة لجميع الأسماء الإلهية الأحادية، هذا والإسم "الله" سبحانه مختص بخواص لم توجد في سائر أسماء الله تعالى، والخاصية الأولى أنه إذا حذفت الألف من قولك "الله" بقى الباقي على صورة لله، وهو مختص به سبحانه كما في قوله تعالى "وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ"، وإن حذفت عن البقية اللام الأولى بقيت على صورة "له"، كما في قوله تعالى "لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ"، فإن حذفت اللام الباقية كانت البقية هي قولنا "هو"، وهو أيضا يدل عليه سبحانه كما في قوله تعالى "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"، والواو زائدة بدليل سقوطها في التثنية والجمع، فإنك تقول "هما"، "هم"، فلا تبقى الواو فيهما، فهذه الخاصية موجودة في لفظ الله وغير موجودة في سائر الأسماء، أما الخاصية الثانية فهي أن كلمة الشهادة وهي الكلمة التي بسببها ينتقل الكافر من الكفر إلى الإسلام لم يحصل فيها إلا هذا الاسم، فلو أن الكافر قال أشهد أن لا اله إلا الرحمن الرحيم، لم يخرج من الكفر ولم يدخل الإسلام، وذلك يدل على اختصاص هذا الاسم بهذه الخاصية الشريفة. الرحمن الرحيم "الرحمن الرحيم" إسمان مشتقان من الرحمة، والرحمة في الأصل رقة في القلب تستلزم التفضل والإحسان، وهذا جائز في حق العباد، ولكنه محال في حق الله سبحانه وتعالى، والرحمة تستدعى مرحوما، ولا مرحوم إلا محتاج والرحمة منطوية على معنين: الرقة والإحسان، فركز تعالى في طباع الناس الرقة وتفرد بالإحسان، ولا يطلق "الرحمن" إلا على الله تعالى، إذ هو الذي وسع كل شيء رحمة، و"الرحيم" تستعمل في غيره وهو الذي كثرت رحمته، وقيل إن الله "رحمن الدنيا" و"رحيم الآخرة"، وذلك أن إحسانه في الدنيا يعمّ المؤمنين والكافرين، ومن الآخرة يختص بالمؤمنين، واسم الرحمن أخصّ من اسم الرحيم، وهو أبعد من مقدور العباد، فالرحمن هو العطوف على عباده بالإيجاد، وذلك بالهداية إلى الإيمان وأسباب السعادة، والإسعاد في الآخرة، والإنعام بالنظر إلى وجهه الكريم، والرحمن هو المنعم بما لا يتصوّر صدور جنسه من العباد، والرحيم هو المنعم بما يتصور صدور جنسه من العباد.