عندما تأتي لحظة الاحتضار يعرض على الإنسان شريط حياته، فإن كان مليئاً بالحسنات استبشر وجهه، لأنه تارك ما في الدنيا إلى ما هو خير منه، وإن كان شريط حياته سيئات اكفهر وجهه، ولذلك يقال فلان خاتمته حسنة أو خاتمته سيئة، لأن الروح ساعة تقبض إنما تقبض لتترك الجسد على ما يراه ساعة فراقها، فإن رأى نعيماً كان ضاحكاً ومستبشرا وإن رأى جحيماً كان منقبضاً مكفهرا، وساعة الغرغرة يعرف الإنسان يقيناً أنه سيموت، لأنه يري أشياء كثيرة لم يكن يرها.. يري ملائكة الموت، لذلك فإن حالته تكون على حسب عمله؛ مستبشراً أو مكفهرا، والمثل أن الطالب عندما يكون مجتهدا ثم يعرف النتيجة وهي نجاحه بتفوق يتهلل وجهه، تماما كالرجل الصالح الذي قدم العمل الصالح وجاءت لحظة لقاء الله، لذلك فإن الله تعالى يقول "ان الذين لا يرجون لقاءنا"، ومن هنا نعرف أنهم لم يقدموا شيئاً لهذه اللحظة.. لماذا؟ يقول الحق سبحانه وتعالى "إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها"؛ إذن فأول الأسباب لكراهية هؤلاء الناس للقاء الله سبحانه وتعالى أنهم رضوا بحياتهم الدنيوية، فعملوا لدنياهم ولم يعملوا شيئاً من أجل الله، والله سبحانه وتعالى سمى هذه الدار "الحياة الدنيا"، ولا يوجد اسم أقل من ذلك يعطينا حقيقة هذه الحياة وهوانها، والمقابل للحياة الدنيا هي "الحياة العليا" التي يريدها الله سبحانه وتعالى لنا.