يشهد البحر الأبيض المتوسط في غضون الأيام القليلة المقبلة أضخم مناورات عسكرية مشتركة في تاريخ المناورات الأمريكية "الإسرائيلية"، وستتركز هذه المناورات على أساليب مواجهة أي هجمات صاروخية متزامنة ومتعددة المصادر على "إسرائيل" من إيران وسوريا والمقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية وسيؤدي الدور المركزي في هذه المناورات سلاحا الجو "الإسرائيلي" والبحرية الأمريكية، وفي هذا السياق يرى "الإسرائيليون" أن قرار إدارة الرئيس «باراك أوباما» إلغاء مشروع الإدارة السابقة نصب شبكة صواريخ في بولندا وجمهورية التشيك، هو كنز ل"إسرائيل" لأن البديل هو استخدام الصواريخ المتنقلة في البحر الأبيض المتوسط، وهذا من شأنه أن يوفّر لها حماية غير محسوبة، وقد رحبت "إسرائيل" بهذه الخطوة، وتأتي مناورات "كوبرا العرعر" بين الكيان الصهيوني وأمريكا في كل عامين، حيث كانت بدايتها عام 2001 وتأتي التسمية المذكورة نسبة إلى شجر العرعر الذي هو أحد أشجار الصنوبر ذات الاستخدامات الطبية والعطرية، وأفادت مصادر عسكرية "إسرائيلية" أن هذه المناورات ستختبر قدرة الآليات الدفاعية "الإسرائيلية"، وخاصة منظومتي الصواريخ "أرو - حيتس" و"باتريوت" والتصدي للصواريخ الباليستية البعيدة المدى، وتشمل المناورات الأمريكية-"الاسرائيلية" تدريبات عملية لتمكين المنظومات الدفاعية الصاروخية الأمريكية و"الإسرائيلية" من العمل بصورة مشتركة، لا سيما الرادار الأمريكي "اكس باند، اف بي اكس تي" الموجود في النقب والذي سيمكن صواريخ "آرو" أو السهم من اعتراض صواريخ تحاكي "شهاب 3" الإيرانية ذاتية الدفع، وسيتم في هذه المناورات استخدام شبكة صواريخ مضادة للصواريخ، منها شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكية "باتريوت"، وشبكة الدفاع "الإسرائيلية" "جيتس2" وشبكة الدفاع الصاروخي الأمريكية المتنقلة "باتريوت هوك 3" وغيرها، ويرى المراقبون أن إجراء هذه المناورات في هذا التوقيت يحمل الكثير من الدلالات والأبعاد المختلفة، سواء الأمنية أم الاستراتيجية أو حتى السياسية، إذ إنها لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن مجمل الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تأتي في ظل تطورات مهمة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وظروف حرجة تمر بها العملية السلمية بالشرق الأوسط، على أثر نكوص إدارة «أوباما» في التأثير في الكيان في إيقاف عمليات الاستيطان أو الحد منها، ناهيك عن ارتداد سلطة «محمود عباس» وموقفها المثير للجدل من تقرير «غولد ستون»، وهي الفرصة الثمينة التي كان من الممكن محاسبة "إسرائيل" في أحد المحافل الدولية جراء جرائم الحرب التي ارتكبتها بحق السكان المدنيين في قطاع غزة حسبما أكّدها التقرير المذكور". والواضح أن لهذه المناورات أغراض عسكرية وسياسية في آن، حيث تأتي في الشق العسكري كغرض عسكري استراتيجي يعزز التأكيد الأمريكي على حماية الكيان الصهيوني من الصواريخ البالستية والمتوسطة المدى، وإذا كان الغرض المعلن في هذا الوقت هو إجراء التدريبات المناسبة على اعتراض الصواريخ الإيرانية، فإن الواقع الذي لا يمكن نكرانه هو أن هدف هذه التدريبات والمناورات هو أيضا حماية هذا الكيان من هجمات الصواريخ إذا ما اندلعت مواجهة عربية-"إسرائيلية" على اعتبار أن العرب يدركون تفوق سلاح الجو "الإسرائيلي"، بل إن تدفق القطع البحرية الأمريكية الحاملة لمنظومات الصواريخ الاعتراضية يكشف الهدف الشامل في الجانب الاستراتيجي للتوجه الأمريكي في التحسب لحماية "إسرائيل" في أية مواجهة إقليمية "إسرائيلية" شاملة، وهو أمر لا يدعو إلى الاستغراب، بعدما ذكر مسؤولون "إسرائيليون" أن الإدارة الأمريكية قررت إبقاء بعض هذه المنظومات في "إسرائيل" بعد انتهاء المناورات لزيادة قدرات الدفاعات الجوية "الإسرائيلية" ضد التهديدات الإيرانية، على اعتبار أن الدور المركزي في هذه المناورات سيضطلع به سلاحا الجو "الإسرائيلي" والبحرية الأمريكية. يبقى أن الشق السياسي من هذه المناورات يتمثل في التلويح والتهديد والضغط من قبل أمريكا و"إسرائيل" بغرض تمرير أهداف السياسة الأمريكية و"الإسرائيلية" في المنطقة، حيث برهنت المواقف الأمريكية الأخيرة، أن إدارة «أوباما» ليست في وارد تعديل الانحياز الأمريكي على الرغم من بدايتها الاستعراضية.