لا تخلو مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى عند الوهرانيين من طقوس ومعتقدات شعبية يعتبرونها جزء من فرحتهم ومن تراثهم المتكون عبر الماضي السحيق وخلال الأجيال المتعاقبة، وإذا كان "العيد الكبير" مناسبة للتواصل والتراحم والتكافل مع المحتاجين، فإن فرحة هذا العيد لا تكتمل بدون هذه المعتقدات الشعبية التي تحولت مع مرور السنوات عادة متأصلة داخل الأسرة، حسبما يعتقد العديد من الوهرانيين. وعلى الرغم من التطور الذي طرأ على البنية الاجتماعية بفعل انتشار تكنولوجيات الإعلام والاتصال، فإن هذه المعتقدات الشعبية التي ترافق مظاهر احتفال بالعيد تشغل حيزا كبيرا في سلوكيات الفرد، أكد أحد أعضاء جمعية الثقافة الشعبية بوهران أن في العيد تتداخل القصص الشعبية مع أحكام الشريعة ليبرز تاريخ إنساني تصنع منه أجواء احتفالية تكون الفرحة فيها هي سيدة الموقف، ومن المعتقدات الشعبية الأكثر شيوعا عند الأسرة الوهرانية الاحتفاظ بالحنة التي خضبت بها جبين الأضحية يوم الوقفة لتستعمل بعد نحره على أكف الرضع ليكون هذا الصبي له حظوة في المجتمع ومفضلا ومحبوبا لدى الناس مثل هذه الشاة التي اختيرت لتكون أضحية العيد من بين مئات الخرفان المعروضة للبيع، ويعتقد البعض الأخر أن احتفاظ بالكثف اليمنى بعد عودة الحجاج وكذا تجفيف جزء صغير من بلعوم الشاة ليوضع خاتم في الإصبع الصغير الخنصر عند قضاء بعض الحوائج اليومية لاسيما في الامتحانات والمسابقات مجلبة للحظ السعيد والنجاح والعيش في رفاهية، وقد ذهبت بعض العائلات الوهرانية التي تؤمن بهذه المعتقدات الشعبية الموروثة وأصبحت لديها كالمسلمات التي لا يمكن مناقشتها كونها تعبر عن مشاعرهم ومواقفهم وفلسفتهم البسيطة في الحياة إلى أن احتفاظ بدم الذبيحة في كوب من الطين ووضع قرني الشاه وتعليقها لذرء عين الحسود والأشرار من البيت لمدة سنة ليتم معاودة الكرة مع كل عيد أضحى، وفي هذا الشأن يقول أحد الباحتين في مجال الصحة وعلاقتها بالأنتروبولوجبة الاجتماعية والثقافية، إن التطور الطبي لم يصل ليميط اللثام عن كل أسباب الأمراض وتقديم العلاج مما دفع بأهل المريض للاقتناع بوجود علاجات في المعتقدات الشعبية التي تستمد صناعتها الدوائية من المستلزمات المستعملة في هذه المناسبات الاجتماعية التي تحظى بمكانة في قلب الإنسان ولا يمكن التخلص منها لأنها جزء من عاداتهم، وأمام تغيرات الحاصلة في النمط المعيشي للمجتمعات، فإن هذه المعتقدات الشعبية ما تزال تتحكم في النمط الغدائي الخاص بالأيام الثلاث من عيد الأضحى، حيث نجد الأطباق المقدمة بهذه المناسبة تختلف من عائلة لأخرى وكلها مستمدة من هذه المعتقدات ولكل طبخة لها قصة وحكاية لا تجد لها تفسيرا علميا وإنما أوجدتها طبيعة المجتمع الذي يمارس هذه الطقوس لها تفسيرات نفسية ودينية ولدت من المخيال الجماعي، ومن جهته أكد مسؤول مصلحة الثقافة الإسلامية وتعليم القرآن بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف بوهران أن المعتقدات التي لها مقصد للفرحة وإحياء لسنة سيدنا «إبراهيم الخليل» فهي تخضع لعادة الناس الرامية إلى ترسيخها في أذهان الأجيال اللاحقة أما تلك المعتقدات التي تتنافى مع الشعيرة الدينية والتي هي عبارة عن خزعبلات فلابد من اجتنابها والابتعاد عنها، واسترسل المتحدث أن عيد الأضحى في حد ذاته له أبعاد دينية واجتماعية ترتكز على تبادل الهدايا والتراحم والتواصل واستخلاص العبر، مشيرا إلى أن سيدنا «إبراهيم» أعطى للأمة الإسلامية درسا في الإيمان والصبر والتضحية، وبما أن العيد الأضحى شعيرة دينية أصلها ومرجعها المرجعية الدينية التوحيدية الإبراهيمية توارثها الشعوب الإسلامية، فإن مخيلتنا وثقافتنا التي تضاف إلى هذه الشعائر الدينية يوظفها الإنسان لتصبح كأداة لصناعة سلوكات تدخل في المعتقد الشعبي كرمزية في مظاهر احتفال بالعيد.