تلاحق المعاناة اللاجئين السوريين أينما ذهبوا. تغرقهم المآسي ويدمي قلوبهم الفقر في شتى الفصول والأشهر خصوصا تلك التي يكون فيها البرد قارس والمازوت مفقود أو لا قدرة للسوري على شرائه نتيجة غلاء الأسعار. فيلجأ المواطن الهارب من الموت في بلده سوريا، إلى وسائل قد تكون أشد قساوة وخطورة من الصواريخ العشوائية التي كان يتجنبها متنقلا بين زواريب الشارع حيث كان يسكن. بالنسبة لأبو عامر، إشعال إطارات السيارات هي وسيلة بديلة ومؤقتة، لتدفئة أطفاله وتحضير طبق العدس. يقول أبو عامر في حديث ل"mbc.net أنه " استخدمت الفكرة في سوريا بعد أن كانت المواد محتكرة في السوق من قبل تجار السوق السوداء والحصار الجوي والميداني الذي كان يقيّد تحركاتنا، فنخاف أن نترك أطفالنا وحيدين لكي لا يصابوا بالرعب والهلع عند سماع أصوات البراميل المتفجرة وقذائف الدبابات التي كانت تنهمر فوق رؤوسنا جميعا". يضيف: " عندما جئت إلى لبنان كنت أيضا خائفا من ما قد يصيب أطفالي بسبب عدم قدرتي على تأمين مسكن ملائم لهم إلى أن وفقني الله بوظيفة كحارس مبنى، وغرفة صغيرة تستر أرواحنا". تقول ابنته الصغيرة دعاء باللهجة الحلبية: " ما على بالي إرجع إبرد ويصير جسمي أزرق". كان والد الطفلة يستخدم ألعاب أطفاله وأحيانا البعض من أحذيتهم البلاستيكية وكل ما يجده أمامه، ليشعل النار ويحمي عائلته من الموت بردا. هو اليوم مرتاح البال لأنه سيقوم بإقفال باب الغرفة على عائلته عند هطول الأمطار. بالمقابل، لا يكترث المتسوّل "مجهول الهوية" كما يصف نفسه، للشتاء والبرد. يضحك قائلا بكل ثقة: "سأحرق النفايات تحت جسر الكولا وأجلس إلى جانبها وأنام". هو لا يأبه لما قد يصيبه من أمراض فهو مريض أصلا من كل ما عاشه قبل الحرب، خلالها، وبعدها على حد قوله. ومن قصص السوريين المحزنة مع الشتاء أيضا، قصة الطفلة ألاء، التي كادت تتجمد من البرد السنة الماضية في سوريا. يروي أحد الناشطين السوريين المهاجر إلى ألمانيا، قصتها: " قصدت ألاء مع رفاقها غرفة المعلمين لطلب إشعال الصوبيا وهنا كانت الصدمة. جمعوا الطلاب وأنزلوهم إلى الملعب وطلبوا منهم الركض دون توقف لمدة عشر دقائق باعتبارها أفضل طريقة للتدفئة في الحرب".