تقوم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، بزيارة إلى الجزائر الثلاثاء المقبل تلتقي خلالها الرئيس بوتفليقة وعددا من المسؤولين الجزائريين لبحث مجموعة من الملفات الساخنة، على رأسها الأوضاع في شمال مالي وتفاصيل عملية التدخل العسكري المرتقبة هناك، كما سيشمل النقاش القضايا الأمنية المرتبطة بما يسمى تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وتأتي زيارة كلينتون لتؤكد حساسية الموقف في منطقة الساحل، والحاجة إلى تكثيف جهود التنسيق بين البلدين لمواجهة التحديات التي تطرحها القضية المالية على أمن المنطقة، خاصة أن الزيارة السابقة لرئيسة الدبلوماسية الأمريكية إلى الجزائر لم يمر عليها سوى أشهر معدودات، ما يؤكد حساسية الوضع الراهن واستعجاليته بالشكل الذي فرض على كلينتون زيارة ثانية في وقت قياسي. وستبحث المسؤولة الأمريكية مع المسؤولين في البلاد تفاصيل التدخل العسكري في شمال مالي لطرد الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وجماعة “التوحيد والجهاد" المسيطرة على شمال مالي. من جهتها، قالت الناطقة باسم الوزارة فيكتوريا نولاند إن “مالي هي أحد المواضيع التي ستبحثها وزيرة الخارجية مع المسؤولين الجزائريين وكذلك مسألة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بشكل عام". وكانت نولاند أعلنت الأربعاء الماضي أن كلينتون ستجري محادثات مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. وأوضحت المتحدثة أن “الحكومة الجزائرية تبدو أكثر انفتاحا لدعم قوة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا"، وأضافت “نأمل مواصلة هذه المحادثات عندما نكون هناك". وكان مجلس الأمن قد تبنى في 12 من الشهر الجاري قرارا أمهل فيه دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا 45 يوما لتوضيح خطط تدخلها العسكري لاستعادة شمال مالي الذي تحتله منذ أفريل الماضي حركات مسلحة. ويعتقد متابعون أن الهدف من الزيارة هو تبديد هواجس الجزائر من المشاركة في العملية العسكرية التي ترمي للقضاء على التنظيمات المسلحة المرتبطة ب«القاعدة" في شمال مالي، والتي تخشى بلادنا أن تتحول إلى سيناريو أفغاني جديد. ويأتي الاهتمام الأمريكي بالجزائر في هذه المرحلة الدقيقة لقناعة أمريكية وحتى غربية بضرورة إشراك الجزائر في عملية ما يسمى “تحرير شمال مالي"، حيث تعتبر هذه المشاركة أساسية ولا غنى عنها، بحكم الحدود الطويلة للجزائر مع مالي وكذلك باعتبارها أهم قوة في المنطقة، بالإضافة لخبرة جيشها الطويلة في مكافحة الإرهاب. ويرى محللون أن الحماس الأمريكي المستجد لعملية عسكرية في شمال مالي جاء بعد التنامي السريع للجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة في المنطقة. فبالإضافة إلى انتشارها الواضح في شمال مالي برزت عملية قتل السفير الأمريكي في ليبيا وهجوم جماعة “أنصار الشريعة على السفارة والمدرسة الأميركيتين في تونس، ما دفع بإدارة الرئيس أوباما لإعادة ترتيب الأولويات، حيث يعتبر الاستقرار والأمن في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل حاجة أمريكية وغربية ملحة. كما تعتبر زيارة كلينتون دليلا على تسارع وتيرة التقارب بين واشنطنوالجزائر، خاصة أن الزيارة تأتي بعد أقل من عشرة أيام على اجتماع لجنة الحوار الاستراتيجي بين البلدين الذي عقد في واشنطن برئاسة وزير الشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل ومساعدة وزيرة الخارجية ويندي شارمان.