في وقت تعمل فيه فرنسا على حشد دعم دولي من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن، يسمح بعمليات عسكرية في شمال مالي لكسر شوكة الجماعات المسلحة التي سيطرت على الإقليم، وهي الخطوة التي تعارضها الجزائر وتفضل حلا سياسيا ودبلوماسيا للأزمة، ذكرت تقارير إعلامية أمريكية أن واشنطن تناقش الوضع في مالي، ولا تستبعد القيام بعمليات عسكرية منفردة لضرب أنصار القاعدة. أفادت مصادر أمريكية، أمس، أن مسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما قد عقدوا سلسلة من الاجتماعات، لبحث إمكانية القيام بعمل عسكري منفرد ضد المتشدّدين المرتبطين بالقاعدة الذين يسيطرون على شمال مالي. ونسبت صحيفة ''واشنطن بوست'' إلى مسؤولين أمريكيين، لم تسمّهم، القول إن هذه المشاورات نظرت في التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وركزت على بحث السبل الكفيلة بمساعدة جيوش دول المنطقة على مواجهة القاعدة وإمكانية التدخل الأمريكي المباشر في النزاع، إذا ما استمر الوضع على حاله. وقالت الصحيفة إن هذه المشاورات تعكس ''القلق الأمريكي من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي ازداد خطورة منذ سيطرته على مناطق واسعة في شمال مالي، والحصول على أسلحة من ليبيا في فترة ما بعد الثورة''. وأضافت أن المشاورات السرية بدأت قبل الهجوم الذي وقع في 11 سبتمبر الماضي على مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي، وأدى إلى مقتل أربعة أمريكيين، بينهم السفير كريس ستيفنز، غير أنها اكتسبت المزيد من الأهمية عقب هذا الهجوم الذي تشير أصابع الاتهام إلى مسؤولية تنظيم القاعدة عنه. ونسبت الصحيفة إلى مسؤول أمريكي كبير في مجال مكافحة الإرهاب، يشارك في المحادثات، القول ''إن واشنطن تدرس عدّة خيارات، من بينها نشر طائرات أمريكية دون طيار في المنطقة للقيام بعمليات عسكرية في مالي، شبيهة بتلك التي تقوم بها في اليمن وعلى الحدود بين باكستان وأفغانستان''، وإن كانت تجربتها في اليمن وباكستان لم تعط نتائج كبيرة مثلما كان مرجوا منه. وكان أعلى مسؤول في قسم شؤون إفريقيا بوزارة الخارجية الأمريكية، جوني كارسون، قد أعلن، أول أمس، أن الولاياتالمتحدة على استعداد لدعم تدخل عسكري ''معدّ بشكل جيّد'' تقوده دول إفريقية في شمال مالي، من أجل القضاء على المتمردين الإسلاميين المتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة. وقال كارسون ''يجب أن يحدث في وقت ما عمل عسكري ضد المتطرفين المرتبطين بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذين يسيطرون على شمال مالي''. وإن كان تصريح المسؤول الأمريكي يضع الحل العسكري كآخر خطوة يتم اللجوء إليها، في حال استعصى الحل السياسي والدبلوماسي الذي تفضله واشنطن، وهو الأمر الذي توضحه تصريحات الجنرال كارتر هام، قائد القيادة الأمريكية الإفريقية ''أفريكوم'' خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر، حيث قال: ''يمكن حلّ الأزمة التي تجتاح شمال مالي عبر القنوات السياسية والدبلوماسية''. وأضاف ''علينا في البداية إعادة تأسيس حكومة مشروعة في باماكو، والاستجابة للحاجيات الملحة للناس، والتعامل مع الأزمة الإنسانية الخطيرة التي تجتاح المنطقة، وأخيرا معالجة مشكل الجماعات الإرهابية''، مؤكدا ''أن البديل الوحيد الذي لا يمكن أن يكون هو الوجود العسكري الأمريكي في شمال مالي''. يذكر أن رئيس الوزراء المالي موديبو ديارا كان قد دعا، يوم السبت، الدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا، إلى التدخل العسكري في شمال مالي، وذلك بإرسال طائرات وقوات خاصة. لكن فرنسا ترفض التدخل مباشرة في شمال مالي، في حين أنها تدعم فكرة تدخل تنفذه قوات مجموعة دول غرب إفريقيا.