تقزّمت العلاقة المهنية الرابطة بين عائلة الجبة السوداء بوكلاء الجمهورية أو ما يسمى ب''الغّراقين'' في الأوساط الشعبية إلى ذيل الإهانة حسب ما أجمع عليه رجال القانون عبر منبر ''البلاد'' وأرجعوا السبب في ذلك إلى النظرة ''العدائية'' التي لا زال يواجهها الدفاع أمام هيئة القضاء للفصل في شتى القضايا المطروحة، تراكمت ملفاتها واختلفت وقائعها بحسب الظروف الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية التي يعيشها المجتمع الجزائري وقد أسّرت أوساط حقوقية في ذات الشأن بالاستنكار الصارخ على مشروع القانون الجديد للمحاماة وأكدت أن تنفيذه سيبتر كل الحقوق المشروعة التي أسستها القوانين السابقة كمكسب للمحامين وفق ما تتيح به بعض نصوصه من إمكانية تحريك النائب العام دعوى قضائية ضد المحامي قد تحوله من دفاع إلى متهم وراء القضبان؟·الدفاع مقزّم أمام إمبراطورية القضاة لا تزال ردود أفعال القانونيين مستهجنة تجاه مشروع القانون الجديد للمحامين لاعتباره مجحفا في حقهم ولا يخدم مصالحهم، حيث فتحوا النار في ذات الشأن على وزارة العدل كونها لم تراع -حسبهم- آراء هذه الشريحة لأخذ مطالبها المشروعة في ظل احتدام الصراع بين ثلاثية الدفاع، النائب العام ورئيس المحكمة أو القاضي منذ أمد بعيد،إذا أطلق محدثونا على صور المحاكمات المتداولة في سلك القضاء الجزائري عبارة ''هف المواطنين'' بوجود جلسة محاكمة للفصل في مختلف القضايا المعقدة المحالة بعد عرضها على أدراج غرف قضاة التحقيق للتمعن وتفحص وقائعها· وأعربوا في الوقت ذاته عن أن معظمها تبقى وهمية بالنسبة إليهم بحكم مسارهم المهني الطويل والمشحون بالاصطدام الخانق يوميا بين المحامي وهيئة القضاء لزرع مبدأ العداوة في مقام القضاة بمن فيهم قاضي تحقيق أو قاضي حكم ووكلاء الجمهورية تجاه الدفاع لإدراكهم جيدا - مضيفين - بأن المحامي يساهم في تحقيق العدالة بطريقة غير مباشرة وفي نفس الوقت مستقلة وبشكل نزيه أمام ما أسموه ''بإمبراطورية'' القاضي الذي أوكلت إليه مهمة الفصل في مختلف القضايا يقضي في بعضها بالإدانة وينطق في بعضها الآخر بالبراءة التي وصفوها بغير الشرعية ووليدة الطرق الملتوية عن طريق إتلاف سجلات رسمية وتزوير وثائق هامة لإخلاء سبيل بعض المتهمين المقصودين بغية الوصول إلى امتيازات مغرية ختمت مصادرنا باب الحديث دون الكشف عن تفاصيل أكثر· المحامي·· تلميذ في القسم التحضيري !؟ استحضرت قصة ''محام في التحضيري'' التي صنعتها قاضية بهيئة محكمة الشراقة، حيث قاطعت وبدون سابق إنذار صاحب الجبة السوداء أثناء مرافعته عن موكله، لتوجه له كلاما جارحا، خدش حياءه أمام الحاضرين لجلسة المحاكمة· وحسب محامين حضروا الواقعة، فإن الحادثة وصلت حد الإهانة التي تعرض لها زميلهم ومعاملة المحامى وكأنه تلميذ فاشل في الابتدائي ليعاد توجيهه إلى القسم التحضيري· وفي قضايا مماثلة استقيناها من خلال التغطيات المستمرة للملفات المطروحة على مستوى محاكم العاصمة، خرج أحد المحامين عن واجب التحفظ، وراح يطلق سهامه على قضاة التحقيق، في خضم مرافعته عن موكله الذي كان متهما بالمشاركة في جرم المتاجرة بالمحدرات رفقة خمسة بارونات آخرين على مستوى إقليم باب الواد، مؤكدا أن قاضي التحقيق الذي تولى مهمة فرز قضية ال004 كيلو غرام من المخدرات التي عثر عليها مخزنة بشواطئ الحمامات، لم يلتزم بالقواعد المعمول بها، بعد منحه رخصة اتصال ومنعه من الاطلاع على الملف، والأخطر من ذلك -حسب ما تسرده أوساط حقوقية - تصرفه في بعض إجابات المتهم دون الإدلاء بها حقيقة، معتبرا ذلك خرقا صارخا في القانون، وضربا بمصداقية العدالة، ما أشعل فتيل رئيسة تلك المحكمة في تلك الأثناء حسب ما أعربت عنه مصادرنا وصبت جام غضبها على المحامي الذي فضح ''زميلها''وطالبت فورا كاتب الضبط بإشهاد عما يصرح به الأستاذ (ب·ط) بأن ''السيد قاضي التحقيق في الاستجواب الإجمالي لم يعرض التصريحات المكتوبة على المتهم، كما جاءت في المحضر وإنما حضرها من قبل وأمضي عليها من قبل المتهم بحضوري'' وتوعدته بعد توقيع الإشهاد بتحمل المسؤولية كاملة لوحده في حال عدم ثبوت'' التزوير'' الذي وجه أصابع الاتهام بشأنه إلى قاضي التحقيق ليتجرأ المحامي مقابل ذلك بالقول ''من يحترم القانون اليوم يصبح عدوا''· ''المحامي المقزّم'' في نظر وكلاء الجمهورية والقضاة لم يتوقف إلى هذا الحد بحكم تغطياتنا الإعلامية المستمرة بالمحاكم، بل وصل ذيل إهانته إلى توبيخه وأمام الملأ في جلسات المحاكمة ومعاملته وكأنه تلميذ صغير في الطور الابتدائي أو حتى كمراهق في حدود منعه من التحدث مع زملائه بالمهنة أو استفساراته مع باقي المحامين وإذا عصى تعليمات أستاذه القاضي يؤمر بالخروج ومغادرة القاعة بعد توبيخه كعقاب له· محام للقاضية: ''لسنا في مدرسة ابتدائية أو روضة أطفال'' في سابقة خطيرة وقف أحد المحامين بمحكمة الحراش وجها لوجه أمام قضية جلسة الجنح، حيث طالبها باحترامه كهيئة قانونية بعد أن كثرت ملاحظاتها في بداية المرافعة في قضية التزوير واستعماله وكذا السرقة وتكوين جمعية أشرار التي طالت مصنع مالحة بباب الزوار في وقت سابق، حيث ثارت ثائرة المحامي أثناء تقديم الدفع الشكلي بعد ما وصفه بتحركات استفزازية من القاضية التي حاولت تسيير الجلسة بطريقتها ما اعتبره المحامي وأحد أعضاء هيئة نقابة المحامين بالبليدة مساسا بمكانة المحامين خاصة مع توالي ملاحظتها للدفاع للتهدئة والتزام الصمت·· وهو ما جعل المحامي يخرج عن صمته، ويتهمها بالإهانة قائلا إنه ومنذ بداية الجلسة وهو يتحمل تقليل الاحترام الذي مس هيئة المحامين معبرا بقوله ''لسنا في مدرسة ابتدائية أو روضة أطفال حتى تبدي كل هذه الملاحظات''، مطالبا إياها باحترامه، في وقت تمسكت القاضية بأنها رئيسة الجلسة وهي المسؤولة عن تسييرها وهو ما رد عليه بأن تسيير الجلسة لا يعني تقزيم المحامين، وقد أثارت ردة الفعل العصبية من طرف المحامي ضد القاضية موجة استياء وحالة استنفار أدت إلى إيقاف الجلسة مدة أكثر من 23 ساعة خاصة بعد أن تصاعدت الاتهامات بين القاضية رئيسة الجلسة والمحامي الرافض لأشكال الإهانة، وهو ما جعله يطالب باعتذار رسمي أمام الحاضرين لكنه لم يتحصل عليه·قاضية ترد على محام: ''لست جهاز تلفزيون''كان وقع الحادثة قاسيا جدا على المحامي في بداية مساره المهني، إذ وفي بداية مرافعته شعر بأن رئيسة الجلسة بمحكمة الحراش كانت غير مهتمة بالتركيز في المرافعة التي كانت ساخنة من أجل البحث عن مخارج قانونية لتبرئة موكله الذي كان رهن الحبس المؤقت، غير أنه شعر بالتقليل من شأنه أمام انشغال القاضية بلمس شعرها أحيانا والنظر في أظافرها، ما اعتبره المحامي رسالة مشفرة لكنها صريحة توحي بالامبالاة بالمرافعة التي تعد الحلقة الأخيرة التي يراهن عليها المحامي في الوقوف مع موكله، فكانت تلك الحركات من القاضية النقطة التي أفاضت الكأس لدى المحامي الذي كان في بداية مشواره لينفجر غضبا في وجهها ويطالبها بلهجة شديدة تحمل غضبا دفينا، لكنه خسر الرهان بعد أن ردت عليه رئيسة الجلسة ببرودة ''لست جهاز تلفزيون حتى ألتزم النظر إليك''، وإن كانت الواقعة قد أثارت حينها حالة استياء كبير لدى المحامين، معتبرين أن الإجراءات القانونية الجديدة هي من ساهمت في تكريس الإهانة في حق المحامين الذين كانوا على منزلة مرموقة قبل سنوات خلت وضاعت فيها وتلاشت تلك المكانة بعد أن قيدت هه النصوص حرية هذه الهيئة الحقوقية· الوسيط القضائي ''ضرة'' المحامي سعيا من وزارة العدل لاقتراح عناصر جديدة من شأنها تطوير القطاع، استحدثت مهنة الوسيط القضائي، للتخفيف من عدد القضايا والتقليل من تكاليفها التي أثقلت كاهل المتقاضين، غير أن المهنة الجديدة وصفها المحامون ب''الكارثة العظمى'' لاعتبار العون القضائي الجديد جاء ضد المحامي والمتقاضي، معتبرين الطريقة بأنها تدفع بالمتقاضين لحل مشاكلهم في الشارع وإبعادهم كل البعد عن جهاز العدالة بغية استئصال الدفاع من مهامه المخولة له قانونيا· وترى أوساط قضائية، أن الحيلولة التي أقامها أصحاب الجبة السوداء ضد هذا العون القضائي المحلف، لم تكون لها قائمة لولا إحساس المحامين بأن هذا العون ما هو في الحقيقة سوى ''ضرة'' لهم جاء لينافسهم في حل القضايا ومشاكل المتقاضين، مما يحول العدد الكبير من مكاتب المحامين إلى البطالة، بسبب تناقص عدد الملفات المعروضة على جهات الحكم·