قال تقرير لصحيفة “الحياة” اللندنية صدر أمس، إن ظاهرة “السلفيين” في تونس لم تكن وليدة الثورة بل كانت موجودة في تونس قبل قرابة عقد من الزمن، وغالبا ما شكلت عبئا أمنيا على السلطات والقوى الأمنية التي كانت تسخّر جزءاً كبيراً من إمكاناتها للتصدي للتيار “السلفي” والإسلامي وبعض مظاهر التديّن. وأدت سياسة الحصار الأمني والإيقاف والتعذيب التي انتهجها النظام السابق ضد “الإسلاميين” إلى ظهور قوي للتيار “السلفي” وبخاصة الشق الجهادي منه بعد الثورة. وانتفع قرابة أربعة آلاف عنصر سلفي بالعفو العام الذي تم إقراره إثر هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وظهر “السلفيون” بقوة للمرة الأولى في إحدى ضواحي العاصمة بعد شهرين من الثورة، في مؤتمر تم الإعلان فيه عن تأسيس “ملتقى أنصار الشريعة” الذي يوصف بأنه النسخة التونسية لتيار “السلفية الجهادية”. وشارك في الملتقى نحو خمسة آلاف عنصر من التيار “السلفي” و”الجهادي” منهم من كان معتقلاً في السجن ومنهم من عاد من المنفى ومنهم أيضاً من كان من الأعضاء الناشطين في خلايا قريبة من فكر تنظيم “القاعدة” في أوروبا، كما كان من بينهم من شارك سابقاً في معارك ضد القوات الأمريكية في جبال تورا بورا بأفغانستان على غرار سيف الله بن حسين المكنى ب “أبي عياض” والذي يعتبر القائد الأول للجهاديين في تونس. ومن غير الممكن تحديد العدد الدقيق ل”السلفيين” في تونس ذلك أنهم ليسوا منظمين في حزب أو تنظيم واضح. ف”السلفيون” يقولون إنهم يعدّون خمسين ألف عنصر، بينما تصر السلطات على أن عددهم الإجمالي لا يتجاوز عشرة آلاف من “السلفيين الجهاديين”. وعلى رغم أن “السلفيين” يُعتبرون قلّة مقارنة بعدد سكان تونس، إلا أنهم يحتشدون بأعداد كبيرة في تظاهراتهم العامة وملتقياتهم، إضافة إلى أنهم يسيطرون على أربعمئة مسجد، وفق إحصاءات رسمية نشرتها وزارة الشؤون الدينية. من ناحية أخرى، لا يقتصر وجود “السلفيين” على جهة محددة أو محافظة محددة من محافظات تونس، فهم يتواجدون في غالبية المناطق التونسية وبخاصة تلك التي تعاني من الفقر والتهميش. وحسب دراسة علمية أعدها الخبير في شؤون “الجماعات الإسلامية”، علية العلاني، فإن “السلفيين” يتواجدون بقوة في محافظات تونس العاصمة وبنزرت وسيدي بوزيد ومدنين وقبلي، ويتواجد في هذه المحافظات الأربع قرابة 40 في المئة من “سلفيي” تونس.