رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد وهي فرع عن منظمة “شفافية" دولية، مستاء من موقف السلطات العمومية بعد رفضها منحه ترخيصا للاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد، فاعتبر هذا دليلا على غياب إرادة حقيقية لمكافحته حتى تحقيق النصر على المفسدين! هذا ما قاله بلقاسم حجاج، رئيس الجمعية، وهو يبدي استياء بالغا من كون الحكومة التي تحتفل بكل أعياد المسلمين والمسيحيين وتخصص لكل غلة أو خضرة غالية أو مفقودة يوما للاحتفال بها، لا تهمل إلا هذا اليوم! مع أنه أخطر أنواع الأيام إطلاقا بما يذكرنا من فتوحات وبطولات في الثراء والعبث بالمال العام ومقدرات البلاد بكل الصور والوسائل الممكنة! وعندما يضع رئيس جمعية مكافحة الفساد جمعيته في نفس موقف الأحزاب التي تنتظر ترخيصا لعقد مؤتمرها، لكي يحتفل بيوم الفساد، فإن ذلك يفسر لوحده الإطار العام الذي تشتغل فيه كل التنظيمات المدنية والحقوقية الجادة، التي تعمل في مجال الحريات والشفافية وحقوق الانسان. فالاحتفال بهذا اليوم يفترض أنه لا يحتاج أصلا إلى ترخيص من الإدارة، إلا إذا كانت الاحتفالات تقام في الشارع أو الساحات العامة، فهي غير ممكنة عمليا في هذه البلاد المصنفة ضمن المراتب الأولى في عدم مكافحة الفساد، أي في تشجيعه ما دام أن التجند حول الفساد نفسه غير قائم شعبيا، ومايزال بعضنا يمني نفسه بأن يكون “راجل" ويسرق بنكا وليس نعجة أو دجاجة لأن عقوبتها أشد! ومادام أن هدف الجمعية وغيرها من الجمعيات هو مكافحة الفساد بكل أشكاله، فإن ذلك يفترض أنها ستعاني تلقائيا من صعوبات جمة، باعتبار أنها تحشر نفسها مسبقا في ميدان العسل الذي يلحس منه الجراد والدبور (البوزنزل ولا يكل ولا يمل..)، مما يجعل تلك الجمعيات تدخل في مواجهة حقيقية مع من تعتبرهم رموز الفساد وحماتها، بدل أن تهادنهم أو تنتظر منحة منهم حتى يأذنوا لها وما نيل المطالب بالتمني والانتظار، وما ربح معركة الفساد بالاحتفال في يوم واحد في العام!