سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ!!.. وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ!!!… ولكنني أقول قد كانوا كلهم أربعة كلاب من الكلاب الضالة المتشردة، كانت تترصدني في الطريق منذ الصباح الباكر عند مدخل القرية التي تحيط بها أشجار الخرّوب والكاليتوس. بالفعل فقد كان خامسهم كلبهم باسطا ذراعيه بالوصيد مثل كلب الراعي الذي يحرس قطيع الأغنام والأبقار في المرعى بالقرب من الوادي. لقد ترك الكلب القطيع وراح ينبح بل راح يعوي مثل الذئاب فتسرع إليه الكلاب الأربعة فيأمرها أن تفترسني لتنطلق إليّ مسرعة بأرجلها الأربعة وهي تلهث واللعاب يسيل منها وقد امتزج بالنباح حتى أنني لم أعد أميز بين نباح الكلاب وخوار الأبقار وثغاء الخرفان. هاهي الكلاب تتوقف أمامي غير بعيدة عني وتتوقف عن النباح وتصبح تتكلم ولو أنني لم أكن أفرّق بين نباحها وكلامها.. قال أحدهم وهو ينبح أو يتكلم: هذا الذي كان يذكر آلهتنا بسوء! فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون، بل حرّقوه وانصروا آلهتكم !! فراح يجمعون جذوع أشجار الخرّوب والكاليتوس اليابسة، ولكن النار قد كانت بردا وسلاما!!!… لم يستطع أي كلب من الكلاب الأربعة أن يتقدم نحوي ولكنني بمجرد أن توقفت حتى فرت الكلاب بينما خامسهم أو كبير الكلاب والذي كان غير بعيد يقف على أرجله الأربعة وتارة يبسط ذراعيه وهو يلهث ويحث كلابه المسعورة على المزيد من النباح ولا تسكت عن النباح!!.. لم أكن أبالي بالكلاب ولا بالنباح لأنني أعرف أن الكلاب التي تنبح لا يمكنها أن تعض ولكن مثل هذه الكلاب يمكنها أن تعض بعضها البعض على الرغم مما يقال بأن الكلب لا يعض أخاه !!! لأن خامسهم الذي علمهم النباح هو الذي عضهم وجعلهم ينبحون في وجوه الناس. كنت سوف أمنحكم الشرف لو وقفتم أمامي وأنتم تنظرون من وراء القضبان مثل المجرمين أو اللصوص وقد وقفتم تنتظرون رأفتي بكم! مثلكم لا يقف أمامي لأنكم دوما ورائي، وذلك لا يشرفني لأنكم كلكم من دون شرف!!.. ولأجل ذلك، فقد عفوت وصفحت عن البلطجية الذين كانوا قد هاجموني وتهجموا علي عندما خرجت من مركز التصويت يوم الاقتراع. لقد أدليت بصوتي ومارست حقي في الانتخاب وتركتهم يمارسون حقهم في النباح لأنهم قد كانوا ممنوعين حتى من النباح. ولا أنتظر منهم أن يشكروني على أنني قد استرجعت لهم حقهم الحيواني الضائع فأصبح كل كلب من الكلاب ينبح بكل حرية! إن النباح حق وواجب فمارسوا حقكم وأدوا واجبكم!!!… لقد سُئل الزعيم الهندي العظيم المهاتما غاندي: لماذا لا تنتقم من أعدائك فقال: إنني لا أنتقم لأني لا أستطيع أن أقضي بقية عمري وأنا أجري وراء كلب لأعضه مثلما هو قد عضني!!!… ها أنذا أدخل بلدتي الطيبة فاتحا مرة أخرى مثلما قد كنت قد دخلتها فاتحا أول مرة، وها هو التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى! ولكن لا أحد من التلاميذ الراسبين والكسالى والأغبياء يحفظ دروس التاريخ ولا حتى دروس الجغرافيا!!.. ابحثوا لأرجلكم النجسة عن أرض أخرى غير هذه الأرض التي سقاها الأب الطاهر بدمه الزكي من أجل أن يمشي فوقها ابنه الثوري والوليد حفيد الشهيد !!!… ولذلك فإنني لن أقول لكم: اذهبوا فأنتم الطلقاء ! ولكنني ها أنذا أقول لكم مرة أخرى: اذهبوا فأنتم اللقطاء!!!… سيدي الرئيس.. رئيس البلدية بالطبع، يشرفني أن أتقدم إلى سيادتكم المحترمة بهذا الطلب الذي يتضمن تكليف الحرس البلدي بتطهير البلدية من الكلاب الضالة المتشردة التي أصبحت تشكل خطرا على الصحة العمومية وعلى النظام العام. فلتسارع سيدي الرئيس بهذه الحملة ذات المنفعة العامة!!!…