محمد سيدمو أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، أن سنة 2020 ستمثل التحدي الأكبر والأخطر في تاريخ الجزائر، حيث سيصل التعداد السكاني إلى 50 مليون نسمة، في مقابل تراجع إنتاج الجزائر من البترول والغاز، لتغطية الطلب الداخلي فقط، وستجد الجزائر نفسها دون موارد إذا لم تعتمد استراتيجية واضحة المعالم في التخلص من التبعية للمحروقات من الآن. وانتقد مبتول سياسة الحكومة الجديدة بقيادة الوزير الأول عبد المالك سلال، التي ركزت في مخطط عملها على نقطتي تحقيق الأمن، والقضاء على مشكل السكن، وتجاهلت تقديم رؤية واضحة لحل المشكل الاقتصادي، محذرا من وقوع انفجار اجتماعي في الجزائر، في غضون سنة 2020، إذا لم يتم التأسيس لاقتصاد منتج ومدر للثروة بعيدا عن قطاع المحروقات. واقترح مبتول من أجل ذلك، مراجعة سياسة دعم المواد الأساسية التي تلتهم من ميزانية الدولة 18 مليار دولار سنويا، واعتماد سياسة جديدة يمكن من خلالها إيصال الدعم لمستحقيه. وطالب أيضا بمراجعة قاعدة 51/49، المتحكمة في الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، من خلال تطبيقها فقط على القطاعات الاستراتيجية وعدم تعميمها على باقي القطاعات التي لا تحتاج إلى حماية. من جانب آخر، أكد مبتول أن الغازات الصخرية لا يعول عليها في أن تكون قاطرة الاقتصاد الجزائري المستقبلية، لأن كثيرا من الغموض يلف التكنولوجيا التي سمحت باستغلالها، مشيرا إلى أنه لم يستقر على رأي نهائي بخصوص الجدوى الاقتصادية من استغلالها، نظرا لتكلفة إنتاجها الكبيرة نسيبا واستغلالها الكثيف للمياه وضررها على البيئة، في مقابل ما ستدره من ثروة. وأشار إلى أن اكتشاف الغازات الصخرية، سيقود لتحولات كبرى في سوق الطاقة الدولي، حيث ستصبح الولاياتالمتحدة التي تعتبر أكبر مستورد حاليا، مصدرة للبترول في غضون 2020، إذا استمرت في وتيرة الاستغلال الحالية، وسيكون لذلك تأثير مباشر على الكثير من الدول، على رأسها الجزائر التي تصدر حاليا 35 بالمائة من منتجاتها الطاقوية إلى الولاياتالمتحدة. كما شكك الخبير في إمكانية إقامة أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وإيطاليا غالسي، نظرا لتكلفته المرتفعة نسبيا مقارنة بالمردودية المتوقعة من إنجازه، خاصة في ظل منافسة شرسة تفرضها الشركة الروسية غاز بروم التي تسعى للاستحواذ على السوق الأوروبية، إضافة إلى الدخول المتوقع لحقل إنتاج ضخم تتقاسمه قبرص ولبنان وإسرائيل في البحر المتوسط. وحول نظرته لبناء الوحدة المغاربية، أعاب مبتول غياب إرادة سياسية لدى الأنظمة الحاكمة في دول المغرب العربي، لتفعيل التكامل الاقتصادي بينها، وأكد أن بناء المغرب العربي لم يعد مجرد حلم لشعوب المنطقة، بل أضحى ضرورة ملحة تفرضها المعطيات الجيوستراتيجية في عالم أصبح لا يعترف بالصغار. وأشار في السياق ذاته إلى أن النزاع في منطقة الساحل وأزمة مالي، تحركه أسباب اقتصادية بحتة بين الدول الكبرى التي تتصارع على المنطقة، معتبرا أن إفريقيا مستهدفة، لأن كل التقارير الاقتصادية تشير إلى أنها ستكون محرك التنمية في العالم في السنوات القادمة، والكل يبحث له عن موطئ قدم فيها من الآن. ولفت مبتول إلى أن التبادل التجاري بين دول المغرب العربي لا يتجاوز حاجز 3 بالمائة، وهي نسبة ضعيفة جدا، ولا ترقى لحجم الإمكانيات الهائلة الموجودة في بلدانه، مشيرا إلى أن ما ينتجه سكان منطقة المغرب العربي من ثروة، لا يكاد يساوي الناتج المحلي الخام لليونان التي يصل تعداد سكانها إلى 12 مليون فقط. ونصح مبتول دول المغرب العربي بالانطلاق من القاعدة الاقتصادية لتحقيق التكامل، من خلال اتباع نموذج الوحدة الأوربية الذي تجمعت عدد من دوله في البداية حول اتفاقية للتعاون في مجال الفحم الحجري، ثم تطورت مع الوقت نفسه ليصل الاتحاد الأوربي لتحقيق وحدة كاملة جعلت منه حاليا القوة الاقتصادية الأولى في العالم.