حذر الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، من حدوث انفجار اجتماعي ببلدان المغرب العربي في آفاق 2020، إن لم تحقق اندماجها الاقتصادي، داعيا قادة هذه الدول إلى تجاوز الخلافات بغية خلق فضاء اقتصادي، بإمكانه أن يصبح جسرا بين أوروبا وإفريقيا.وقال المتحدث إن الأخيرة مدعوة لان تصبح محرك التنمية الاقتصادية العالمية مستقبلا ”وهو مايفسر التوترات الحالية في منطقة الساحل”. وأوضح مبتول في محاضرة ألقاها، أمس، بمنتدى جريدة ”الشعب” أن مايحدث في الساحل له خلفيات اقتصادية أكثر منها سياسية، مؤكدا أنه لاوجود لأي اختلافات استراتيجية بين أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية حول التدخل في المنطقة، وإنما يمكن الحديث عن ”اختلافات تقنية”.واعتبر أن هناك ”تداعيات سياسية خطيرة” لما يحدث في الساحل لأنه يدخل ”في إطار استراتيجية إعادة تشكيل القارة الافريقية بهدف التحكم فيها” لأنها القارة التي ستحرك النمو الاقتصادي في آفاق 2030-2040. وقال إنه يجب الانتباه للأخطار المحدقة بالجزائر، خاصا بالذكر ”التقسيم”، وعبر عن اقتناعه بأن أكبر خطأ سياسي ارتكب منذ الاستقلال هو ”إهمال الجنوب” وأنه كان لابد من وضع مايشبه ”مخطط مارشال” لتنمية هذه المنطقة.وعن الاعتداء الارهابي في إن امناس عبر مبتول عن اقتناعه بأن الشركات الأجنبية لن تغادر الجزائر، لان ما يهمها هو الربح من جهة، ولانها من جهة ثانية لاتريد بانسحابها تشجيع مثل هذه العمليات الارهابية التي قد تمتد إلى بلدان أخرى مثل السعودية.ومع إقراره وجود إنجازات هامة في الجزائر على المستوى الاقتصادي، اعتبر أن التحديات أكبر بالنظر إلى كون الاقتصاد الجزائري مازال مرهونا بعائدات المحروقات. ولذا دعا إلى فتح نقاش وطني بناء يأخذ كل الآراء بعين الاعتبار وأن تكون مصلحة البلاد العليا هي الهدف من مثل هذا النقاش. وبالنسبة لمبتول فان حصيلة 50 سنة لايمكن أن تحصر في ”رؤية سلبية” رغم وجود نقائص. ولعل أهمها هو كون الجزائر من أكثر الدول التي خصصت مبالغ كبيرة للنفقات العمومية فاقت ال500 مليار دولار من 2004 إلى 2013، لكن دون أن تسجل انعكاسات على النمو الذي لم يتجاوز معدله ال3 بالمائة في حين كان المفروض ان يصل على الأقل إلى 10 بالمائة. وحتى نسبة 6 بالمائة من النمو خارج قطاع المحروقات 80 بالمائة منها جاءت من قطاعي البناء والأشغال العمومية الممولين من النفقات العمومية. وعاد الخبير إلى أهم الانشغالات الاقتصادية المطروحة في الجزائر، لاسيما نسبة البطالة والقطاع الموازي -الذي يمثل 50 بالمائة من إجمالي النشاط الاقتصادي بالجزائر- ونسبة التضخم التي عرفت ارتفاعا يدل على أن الاستقرار الاقتصادي الكلي المبني على مداخيل المحروقات سريع الزوال وهو مايؤكد أهمية تدعيم الاقتصاد الجزئي بخلق المؤسسات التي قال أنها الرافد الحقيقي للاقتصاد.وفي هذا السياق، دعا إلى إضفاء مرونة على قاعدة 49/51 في مجال الاستثمار من خلال تحديد القطاعات الاستراتيجية. وعبر عن اقتناعه بأن الأزمة المالية العالمية لم تنته بعد وأنها لاتستثني أي بلد. كما أشار إلى أن الطاقة تمثل ”قلب الأمن العالمي”، وأنها وراء التوترات التي يعيشها العالم في الوقت الراهن. وأشار إلى ضرورة اخذ بعض المعلومات بعين الاعتبار والانتباه جيدا لها، منها تقرير وكالة الطاقة العالمية في 2012 والذي تحدث عن إمكانية تحول الولاياتالمتحدة لأكبر مصدر للغاز الصخري ”الشيست” في آفاق 2020-2030. وعن إنتاج الصين ل100 مليار متر مكعب من هذا الغاز في 2020، فضلا عن المعلومات التي تحدثت عن اكتشاف حقل في محيط جزيرة قبرص قد تبلغ طاقته الانتاجية 3500 مليار متر مكعب، وهو ما اعتبره ”ذا تأثير على الجزائر، دون إغفال المنافسة الروسية الشرسة في السوق الأوروبية.وبالنسبة لاستغلال غاز الشيست في الجزائر، شدد عبد الرحمان مبتول على انه لن يتم في أقرب وقت، وأن أهميته بالنسبة لبلادنا مرهونة بتكلفته وبمدى تأثيره على البيئة. وأكد ان الطاقات المتجددة بديل هام، مقترحا الاستمرار في المشاريع المزدوجة (غاز- طاقة شمسية) واستخدام تقنيات الاسترجاع.من جانب آخر، اعتبر ان قيمة التحويلات الاجتماعية البالغة 18 مليار دولار تعد مشكلا للجزائر، مطالبا باعادة النظر في طريقة إعانة الفئات الهشة. كما قال أن التنمية الاقتصادية تمر حتما عبر توفر الحكم الراشد ”لان الاصلاحات سياسية قبل أن تكون اقتصادية”. وتحدث عن ضرورة تحقيق اللامركزية التي لايشترط أن تكون سياسية وإنما على الأقل اقتصادية، مشيرا إلى أن ”سرطان الجزائر هو البيروقراطية”. وشدد على أن هناك علاقة بين التنمية الاقتصادية والأخلاق.