عادت مجددا الاتصالات بين مفوضين من الجزائر ومسؤولين في حركة أنصار الدين والتي تخوض حربا على القوات الفرنسية والجيش المالي، وذلك في سبيل إقناع أنصار الدين بفك ارتباطها مع تنظيم القاعدة في مالي والجماعات الإرهابية الأخرى. وحسب تصريح لمسؤول أمني جزائري لوكالة أناضول التركية، فإن وفدا جزائريا التقى بعدد من الأعيان من الأزواد وشخص مقرب من أمير الحركة إياد اغ غالي، لإجراء مفاوضات حول عدة نقاط أبرزها إقناع عناصر حركة أنصار الدين بضرورة الامتناع عن مساندة الجماعات الإرهابية في المنطقة ممثلة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حركة التوحيد والجهاد وكتيبة الملثمين مقابل أن تتوقف القوات الدولية عن استهداف قيادات وعناصر الحركة. وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي الجزائر لترسيخ الحل السلمي في مالي، لتجنيب منطقة الساحل كارثة حقيقية في حال استمرار الحرب، حيث أشار المصدر ذاته إلى أن الجزائر لجأت إلى مصادر مقربة من قائد حركة أنصار الدين لإحلال الوئام في مالي كما سبق أن نجحت في حقن الدماء في الجزائر، وفي هذا الجانب تسعى الجزائر إلى إبعاد أبناء مالي من الأزواد التي لطالما دافعت عنهم عن التنظيمات الإرهابية التي من شأنها أن تجرها إلى مستنقع خطير، فيما ينتظر رد حركة أنصار الدين على العرض الجزائري. ويتوقع أن يكون الانشقاق الذي عرفته حركة أنصار الدين مؤخرا، بعدما انشقت عنها حركة الأزواد الإسلامية، سيساعد على تغيير موقفها خصوصا أنها تعد الأقوى عسكريا مقارنة بالجماعات الأخرى، حيث تشير معلومات إلى أن عدد مقاتليها وصل إلى أزيد من 2000، موجودين في مرتفعات "إيفوغاس" شمال مالي. وفي سياق آخر، احتدم الصراع بين فئات عديدة من الشعب المالي في إطار الحروب العرقية التي تنبأ بها الخبراء قبل التدخل العسكري، حيث نشبت المعارك بين أبناء البلد الواحد بعدما اشتد الصراع بين عرب وطوارق الأزواد، إلى جانب الهجمات المتبادلة بين الحركة الوطنية لتحرير الأزواد وجماعة التوحيد والجهاد، إضافة إلى الهجمات التي تشنها القوات الفرنسية والقوات التشادية على الجماعات الإرهابية، كل هذا حول شمال مالي إلى مستنقع من الدماء. وتوقع الخبير في الشأن الأمني بن عومر بن جانة في اتصال ب«البلاد" أن يطول سيناريو مالي في ظل تأزم الأوضاع وتنوع الجبهات القتالية، مشيرا إلى ضرورة أخذ الجزائر لاحتياطاتها بعدما انتقلت الحرب من جنوب مالي إلى أقصى الشمال على بعد كيلومترات قليلة من الحدود الوطنية، ولم يستبعد بن جانة محاولة العناصر الإرهابية للتسلل إلى الجزائر بالنظر إلى الضغط الممارس عليها، مؤكدا في الوقت ذاته على أن تشديد الأمن على الحدود من شأنه أن يخفف من حدة الخطر.