أوضح الباحث والخبير في الشأن الأمني، بن عومر بن جانة، أن الجزائر لا تملك إمكانية رفض قرار مجلس الأمن الداعم للتدخل العسكري في مالي، مشيرا إلى أن مرور الطائرات العسكرية الفرنسية عبر المجال الجوي الجزائري تم وفق قرارات دولية. وتطرق بن جانة خلال استضافته في العدد 32 من منتدى جريدة الوسط أمس، إلى الأزمة المالية الذي قال إنها بدأت منذ سنوات طويلة، موضحا أن مالي كانت قابعة على فوهة بركان وانفجر في الفترة الأخيرة بسبب الأوضاع التي تشهدها. كما أفاد أن الحروب التي اندلعت في الدول المجاورة وآخرها الحرب في ليبيا، ساعدت على الانفلات الأمني وانتشار الأسلحة وفكرة التحرر التي ظهرت بظهور الجماعات التي انقلبت على النظام وطالبت بالتغيير كالحركة الوطنية لتحرير الأزواد وحركة أنصار الدين، وزاد الوضع تأزما بسيطرة تنظيم القاعدة وحركة الجهاد والتوحيد، وهي جماعات دخيلة في المنطقة على شمال مالي وبدأت نشاطها في تنفيذ عمليات اختطاف والمطالبة بالفدية مقابل تسليم الرهائن. في السياق ذاته، أشار الخبير في الشأن الأمني، إلى أن الجزائر لا تزال تناضل من أجل فتح باب الحوار مع حركة تحرير الأزواد وحركة أنصار الدين باعتبارهما من أبناء المنطقة، موضحا أن محاربة أبناء المنطقة تنذر بوقوع حرب أهلية في مالي من خلال فرض إرادة سياسية لسكان الجنوب على سكان الشمال عن طريق القوة، ما قد يؤدي بالسكان إلى مساندة المجموعات المسلحة. وعن التدخل الفرنسي، قال بن جانة إن فرنسا استغلت ضعف الاتحاد الإفريقي، حيث وجدت المجال مفتوحا والفرصة سانحة لإقناع الدول بجدوى التدخل، وأشار إلى أن الدول الداعمة للتدخل أهملت نقاطا عديدة على رأسها مسرح العمليات العسكرية الذي يتربع على 940 ألف كلم مربع، إضافة إلى ضعف العدد بالنسبة لجيش الاكواس، خصوصا وأن عدد أعضاء الجماعات مجهول، وكذا أعباء الحرب التي تستدعي ميزانية ضخمة في ظل إمكانية استمرارها إلى تاريخ مجهول. من جانب آخر، قال إن الجماعات المسلحة لن تتمكن من القتال عن طريق حرب العصابات، ولهذا ستنقسم إلى مجموعات وتنتشر عبر التراب المالي، وسيسمح التدخل بوقوف جميع المتطرفين ضد فرنسا ورفقائها مما قد يحول مالي إلى قطب جهادي، ما سيسمح بانضمام مجموعات مسلحة قادمة من أقطاب أخرى للمساندة. وعن إمكانية تدخل الجيش الجزائري، أوضح المتحدث ذاته، أن الدستور الجزائري يمنع ذلك. كما أن كل الدراسات تؤكد أنها خطوة يمكن أن تقود الجزائر إلى الهاوية، وأضاف أنها الآن تسعى لحماية حدودها وهذا أمر صعب بسبب طول الحدود، ولم يستبعد أن تتلقى الجزائر مساعدة لحماية حدودها من دول صديقة عن طريق القمر الصناعي. كما أشار بن جانة إلى إمكانية توغل الحرب في أعماق إفريقيا، بالنظر إلى الظروف الملائمة، الدينية منها والاجتماعية. فيما استبعد أن يتم توريط الطوارق الجزائريين في هذا الأمر، موضحا أن الوضع في الجزائر مختلف والجميع يجمعهم حب الوطن رغم الأطراف الكثيرة التي حاولت إضعاف الجزائر. كما اعتبر بأن احتمال وقوع هجمات معاكسة من قبل الجماعات المسلحة أمر وارد، إلا أن فرنسا ستأخذ احتياطاتها لمنع ذلك.