حسناء شعير مكنت المداخلات المقدمة حول “قبيلة بني كبلوت” في أشغال ثاني أيام المنتدى الدولي حول حياة ومؤلفات كاتب ياسين الذي تحتضنه ڤالمة في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لاسترجاع الاستقلال؛ من اكتشاف حقل جديد لتجديد القراءات والدراسات المنجزة على مؤلفات هذا الكاتب. ومن بين ثلاث مداخلات في الموضوع؛ نالت المحاضرة التي ألقاها مفتش اللغة العربية بڤالمة والكاتب قاضي محي الدين حول “بني كبلوت والمقاومة الوطنية”، وهي القبيلة التي تسكن بمنطقة “عين غرور”، جنوب ڤالمة والتي ينتمي إليها كاتب ياسين، جزءا كبيرا من اهتمام المشاركين في هذه الدورة الرابعة المنظمة بقاعة سينما “الانتصار” وذلك تحت شعار “كاتب ياسين والحركة الوطنية “. وجاءت المداخلة التي ألقاها المحاضر في شكل بحث تاريخي جمع فيه بين الوثائق الرسمية وشهادات الذين عايشوا مختلف الأحداث التي عرفتها المنطقة والحكايات المحفوظة في الذاكرة الجماعية المتوارثة بين الأجيال والتي خلص من خلالها إلى أن قبيلة “بني كبلوت” الوافدة من الأندلس سنة 1492 واستقرت بڤالمة كانت معقلا حقيقيا لمقاومة الاستعمار الفرنسي. ومن أهم ما أورده المحاضر أن منطقة “عين غرور” في تلك الفترة كانت بها عدة مرافق تعليمية واجتماعية سمحت بخلق وعي قومي لدى سكانها ورفع مستواهم التعليمي من أهمها “المحكمة” وزاوية لتحفيظ القرآن التي كانت منبرا للدفاع عن الوطن مما اضطر المستعمر الفرنسي إلى تهديمها سنة 1852 ومنع السكان من إعادة بنائها. وشكلت تلك الظروف المحيطة بالعائلة الكبيرة ذات الامتداد البربري العربي الإسلامي التي عاشت بين القهر والمقاومة منذ دخول المستعمر، حسب المحاضر، المناخ الملائم لبروز كاتب ياسين الذي سجن هو أيضا في سطيف في أحداث 8 ماي 1945 ولم يكن حينها عمره يتجاوز 16 ولم يصل حتى إلى مستوى “الرابعة متوسط” لكنه أصبح مؤلفا عالميا. من ناحية أخرى، اعتبر المشاركون في المنتدى من داخل وخارج الوطن، أن هذه الشهادات المقدمة جديدة ومثيرة وتقدم إضافة كبيرة أمام الأدباء والمؤرخين لفهم كتابات المؤلف خاصة من حيث كون كاتب ياسين لم يكن يقدم في أعماله الروائية والمسرحية “تاريخا مصطنعا بشخصيات خيالية، وإنما هو تاريخ حقيقي بأشخاص معينين، وأنه استمد كل ذلك من محيط قبيلته “بن كبلوت”. كما كانت المناسبة فرصة لمطالبة الحاضرين في نقاشاتهم بضرورة “مأسسة” فكر كاتب ياسين من خلال إنشاء هيئات بحثية متعددة الاختصاصات أو معهد وطني مختص في أدب وفكر وتاريخ المؤلف، وهي الفكرة التي دافع عنها بحماس كبير صديقه الأستاذ بن عمر مدين من مخبر “إيكس أون بروفونس” بفرنسا.