ظهر حسني مبارك في أولى جلسات إعادة محاكمته الجديدة أمس، بمظهر الواثق بعيدا عن صورة الرجل المنكسر المستسلم التي علقت في الأذهان خلال محاكمته الأولى. وعاد مبارك الذي حكم مصر بلا منازع لمدة 30 عاما قبل أن تطيح به ثورة شعبية سنة 2011، إلى مستشفى المعادي العسكري بالقاهرة عقب الجلسة. وأعلن رئيس المحكمة فور بدء الجلسة الأولى لإعادة المحاكمة تنحيه، ما يستوجب اختيار دائرة أخرى للنظر في قضية مبارك، الذي قضت محكمة النقض بإلغاء حكم سابق ضده بالسجن المؤبد بعد إدانته بالتورط في قتل المتظاهرين خلال الثورة التي أسقطته. وحضر مبارك الجلسة جالسا وليس ممددا على سرير طبي كما ظهر في المحاكمة الأولى، وارتسمت على وجهه ابتسامة ولوح بيده محييا بعض الحاضرين. ورغم أن مبارك جلس خلف القضبان كما في المحاكمة الاولى؛ إلا أنه تبادل حديثا بدا هادئا مع ابنه جمال الذي يُحاكم في القضية نفسها. وكانت صورته المنكسرة خلف القضبان وهو يبدو مسنا ومريضا بقيت في الأذهان حتى اليوم. ومنذ بدء محاكمته الأولى في أوت 2011 كانت صحة مبارك، الذي سيبلغ في ماي المقبل الخامسة والثمانين من عمره، مثار تكهنات وشائعات عديدة راوحت بين إصابته بالسرطان واكتئاب شديد وبين أزمات قلبية او مشكلات في التنفس. وأحدثت تلويحة مبارك، الذي بدا منشرحا خلال جلسة أمس، ردود أفعال واسعة النطاق في مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر مستخدمون صورته في المحكمة إلى جانب صورته وهو يؤدي التحية ببذلته العسكرية. كما تبادل مبارك أثناء المحاكمة أطراف الحديث مع نجله جمال وسط ابتسامات، وكأنهما يتبادلان النكات، أما جمال فقد حضر المحاكمة مرتديا نظارة بنية اللون، وكان يبدو أيضا في حالة صحية جيدة ومعنويات مرتفعة. وعلى الناحية الأخرى، بدا وزير الداخلية السابق حبيب العادلي حزينا، والدموع في عينيه. ونسي رجل أمن مصري نفسه، وألقى التحية العسكرية للعادلي فور دخوله إلى قاعة المحكمة، وانتشر الفيديو أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي ويوتيوب بعدما التقطته كاميرات التلفزيون. والضابط الذي ألقى التحية هو ملتح، وكان يقف ضمن قوات التأمين التي اصطحبت الوزير المحبوس إلى سيارة الترحيلات أمام مقر أكاديمية الشرطة في رحلة عودته إلى محبسه بسجن طرة، لقضاء باقي فترات العقوبة والأحكام الصادرة بشأنه. وفي وقت سابق، أقيل مأمور سجن طرة عقب دخول العادلي السجن، بعد أن أدى التحية العسكرية للرئيس السابق أمام الجميع، كما أنه كان متهما بتدليل رموز النظام السابق وإقامة حفلات إفطار جماعية لهم في رمضان. وخلال جلسة محاكمة مبارك، أمس، ظهر رئيس هيئة الدفاع عن مبارك، فريد الديب، وهو يدخن سيجارا داخل قاعة المحكمة، بالمخالفة مع القواعد المتبعة في المحاكمات المصرية. وفي الأثناء، تقدم النائب العام المصري بخطاب إلى مستشفى المعادي العسكري يطالب فيه بنقل الرئيس السابق حسني مبارك إلى سجن طرة. وجاء ذلك بعد ساعة من ظهور مبارك علي شاشات التلفزيون المصري يشير لأحد مؤيديه أثناء انعقاد الجلسة الأولى لإعادة محاكمته. من ناحية أخرى، كانت هيئة المحكمة التي تنحت عن نظر القضية برئاسة المستشار مصطفى حسن عبد الله وهو رئيس هيئة المحكمة الخاصة فيما يعرف إعلاميا ب”موقعة الجمل” التي برأت جمع المتهمين، وهذه المحاكمة هي أول محاكمة تقوم بإجراء التحقيق فيها نيابة الثورة التي شكلها الرئيس مرسي كهيئة قضائية خاصة للتحقيق في الجرائم ضد الثورة.