الحملة التي قام بها بعض الإعلام المصري لدفع الجماهير المصرية للكراهية والعنف خطوة في اتجاه الصعود نحو الأسفل. وقال إنه كان ممكنا أن تلعب هذه المنابر دورا رياديا في تقريب الشعبين أكثر بدل النفخ على جلد الفتنة. هل لنا أن نعرف أول رد فعل رسمي للسيد ميهوبي على الساخن حول ما جرى يوم الخميس عند استقبال المصريين للوفد الجزائري من خلال الاعتداء المؤسف على الحافلة التي كانت تقل طاقم الفريق الوطني بجوار مطار القاهرة الدولي؟ بالتأكيد هذه الأحداث مؤسفة وهذا التصرف غبر مقبول شكلا ومضمونا، وبأي منطق سواء كان رياضيا أو إنسانيا، لأن لاعبي الفريق الجزائري والطاقم المرافق له وكذا الأنصار يعتبرون ضيوفا في مصر المعروفة بتقاليدها العريقة في هذا المجال. هذا الانزلاق الخطير كان نتاج تعبئة إعلامية غير مسبوقة أدت بالضرورة إلى هذا الانحدار الإعلامي الرديء والانزلاق الخطير. والمؤسف أكثر لا يكمن في كون تسويق بعض وسائل الإعلام المصرية لروايات لا يقبلها المنطق فحسب، بل في تجرؤ هذه المنابر على قلب الوقائع والتضليل المبرمج عبر ترويج أطروحات دعائية من نسج الخيال إذ لا يعقل، بل لا يمكن لعاقل أن يقبل بمثل قول أن يسعي فريق أو منتخب يملك الأفضلية في كل شيء إلى إعاقة وعرقلة إجراء مباراة في متناوله بعدة مواصفات، ومن عدة جوانب تقنية ورياضية وفنية. ألا تظنون أن الموقف الجزائري إزاء هذا الانحراف الممنهج جاء فاترا نوعا ما؟ يبقى الموقف الجزائري الذي تجلى في التصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية مراد مدلسي ووزيري الشباب الرياضة والاتصال وكذا سفير الجزائر في القاهرة، أمرا طبيعيا بغية تأمين ضمان أكبر لأمن اللاعبين والمناصرين الذين قدموا إلى أرض الكنانة للمتعة والفرجة وتقاسم الفرحة مع أهل النيل والأهرامات. كما يصب الموقف الرسمي حول حرص الجزائر بلغة الدبلوماسية والاحترام المتبادل بين الشعبين على توفير ظروف وتهيئة جو أليق لإجراء لقاء كروي عادي، أي من أجل إجراء لقاء رياضي بعيدا عن أي تصرف خارج القواعد و الروح الرياضية. أثبتت تحريات مراقبي الفيفا أول أمس انزلاق المصريين واعتدائهم السافر على طاقم الفريق الجزائري، فهل تأملون في تأجيل، حسب رأيكم، المقابلة في ظل هذه الظروف المتدهورة وهل التمستم كمسؤولين قرارا كهذا علما أن السيناريو نفسه حدث في 1993 ضد فريق زيمبابوي ونقلت المقابلة المصيرية إلى مدينة ليون الفرنسية؟ يمكن القول إن قوانين الفيفا لا تسمح بمثل هذه التجاوزات التي تحصل في مثل هذه المباريات بين دول العالم وهي ليست حكرا على المقابلات بين الجزائر ومصر التي تتميز بحماسة مفرطة نوعا ما من قبل الطرفين. ننتظر من الفيفا أن تسفر عن عدم إجراء المنازلة في مثل هذه الظروف فلها سلطة التقدير ولها سلطة القرار والمراقبون كانوا حاضرين أثناء وبعد الأحداث، وننتظر قرارا إن شاء الله يكون متوازنا بل منصفا للرياضة العربية وروح التسامح والتقارب بين الشعوب، مثلما تنص عليه المواثيق والأعراف. ربما يأتي ذلك على طلب من طرف البلد المتظلم، فهل حصل ذلك؟ أول أمس رفع الجزائريون عن طريق الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تظلما ل''فيفا''. أكثر من ذلك رفعت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم دعوى قضائية وعملية إشهاد أمام القضاء المصري. بما يعني أن الاحترازات الجزائرية كانت قانونية أمام قضاء البلد المضيف. ونحن في انتظار ما تقره عدالة مصر وحيادية أعلى هيئة رسمية لكرة القدم. يعني أنتم مع إجراء المقابلة وراضون عن أي قرار تخرج به الفيفا حتى لو كان ضد مصلحة الجزائر؟ والله، أنا أرى الأمور من زاوية أخرى وأكثر صدقية من منطلق ''رب ضارة نافعة''. لعل هذه الحادثة بالقدر الذي زادت الضغط على الجانب المصري، بكل تأكيد، زادت في اعتقادي واعتقاد كل الجزائريين، عناصر فريقنا همة وصلابة وإقداما وإرادة على الفوز في عقر دار ''الفراعنة''. ألا تظنون أن المصريين هم من نسج هذا السيناريو بهدف نقل المباراة خارج مصر خوفا من ردة فعل الجماهير العريضة حيال نتيجة سلبية ضد فريقهم وشديدة الوقع على مسؤولي الكرة في مصر؟ كل شيء ممكن، لكن في اعتقادي يجب عدم الانسياق وراء مثل هذه الاحتمالات غير المجدية في الوقت الراهن، ونترك للوقت الكشف عن خبايا حملة إعلامية غير مسبوقة ضد الشعب الجزائري وتاريخه وفريقه الكروي العائد بقوة. ما يؤسف له هو انسياق الإعلاميين في مصر وراء إعلام تعبئة خلال شهور ليتحول بعد الحادثة إلى إعلام تضليل. وهذا غير مقبول ولا نرجوه.