حاولت الصحافة المصرية هذه المرة انتهاج لغة جديدة قبيل المباراة التي جرت ليلة البارحة بمدينة بانغيلا الأنغولية، حيث ركزت على التهدئة وفتح صفحة جديدة ومحو آثار مباراة السودان، مؤكدة أنه على مصر والجزائر أن تتغلبا على صوت التعصب وعلى مناصري كلا البلدين أن يشجع منتخبه ويحب البلد الآخر.وذكرت جريدة ''الدستور'' المصرية أن مباراة الجزائر ومصر يجب أن تمحو آثار مباراة السودان خاصة وأن المنافسة الشريفة داخل الملعب تنتهي بانتهاء المباراة مثلما كان سلوك لاعبي الفريقين مثالياً في المباريات الأخرى. وذكرت الصحيفة من خلال مقال حمل عنوان ''الجزائر ومصر في مباراة رد الاعتبار في نصف النهائي''، أن مواجهة أمس مثلت الكثير للمنتخبين ومدربيهما حسن شحاتة ورابح سعدان، وهو ماتركها تجزم بسخونة المباراة خارج الخطوط بين شحاتة وسعدان ومنافسة أكثر سخونة بين اللاعبين داخل المستطيل الأخضر وما على الفريقين سوى أن يقدما مباراة كرة قدم راقية يتحلي خلالها اللاعبون بالروح الرياضية ورغم أن المباراة ستنتهي بفوز أحد الفريقين إلا أنها فرصة لمحو آثار مباراة السودان والتأكيد أن المنافسة الشريفة داخل الملعب تنتهي بانتهاء المباراة ومثلما كان سلوك لاعبي الفريقين مثالياً في المباريات الأخرى يجب أن يكون أكثر مثالية في هذه المباراة. من جهتها ذكرت جريدة ''اليوم السابع'' المصرية أنه يجب أن تتغلب مباراة الجزائر مصر على صوت التعصب الذي يدفع الجميع إلى التخلي عن القيم والأخلاقيات العربية، في سبيل فوز في مباراة لن تجعل البلدين في مصاف الدول المتقدمة، كما حرص أمس الجميع على تمرير هذه المباراة من عودة المياه لمجاريها بين بلدين، حرصا على علاقاتهم التاريخية التي ستتغلب على أي عوارض. وذكرت الجريدة من خلال مقال حمل عنوان إن العلاقات المصرية الجزائرية التاريخية شهد لها العالم بمدى عمقها وقوتها، فالشعبان على مدار تاريخهما كانا شعبا واحدا، ففي لحظات الشدة نجدهما في خندق واحد، من أجل ذلك على الشعبين أن يجعلا مباراة اليوم دليلا جديدا على عمق هذه العلاقات، ويجعل الشعبين المصري والجزائري ينسيان كل ما حدث من قبل المباراة من مهاترات، فكل ذلك حدث من باب التعصب الذي يرفضه أغلبية الشعبين، كما علينا جميعا أن نعلم أن الرياضة مكسب وخسارة، وأن أي نتيجة مباراة ليست نهاية العالم، وعلى الإعلاميين ألا يشعلوا نيران الفتنة، ويتوقفوا عن شحن الجماهير خاصة في الساعات المتبقية اليوم على المباراة. وأضافت الجريدة أنه على مصر والجزائر أن تتغلب على صوت التعصب الذي يدفع الجميع إلى التخلي عن القيم والأخلاقيات العربية. وعنونت جريدة ''اليوم السابع'' مقالا آخر ''سأشجع مصر وأحب الجزائر'' أكدت خلاله أن النعرات العرقية اختفت بعد أن تأكد الشعبان المصري والجزائري أن مشاعر الشحن والإثارة بلا هدف ولا طائل''. وذكر المقال أنه بالرغم من مشاعر الحشد والشحن التي تدور بين الجانبين المصري والجزائري، لكننا نلاحظ هذه المرة أن النعرات العرقية اختفت، وحل محلها شعور عادي لمشجعين يتعصبون لفرقهم. ولا مانع على الإطلاق من أن نتعصب تعصبا طبيا، حتى يمكننا تجاوز مباراة في الكرة، إلى حرب بلا اتجاه. أعرف أن مشاعر بعض هواة الشحن ساخنة وأقدر غضب البعض هنا أو هناك، لكن أظن أنها مشاعر بلا هدف ولا طائل. وذكرت الجريدة أن هناك إمكانية أن يرفع المصريون شعار ''أشجع مصر وأحب الجزائر''، والجزائريون يرفعون شعار''مع الجزائر وأحب مصر''، ساعتها أتصور لو فاز المصريون على الجزائر وارتضى الجزائريون الأمر، وهنأوا المصريين يمكن أن ينتهي الأمر، وسوف تحظى الجزائر بمشجعين مصريين في كأس العالم، كما جرت العادة، وإن كنت أتمنى أن يفوز فريقنا الوطني، فإنني ربما سأحزن لو خسرنا حزنا عاديا ينتهى بنهاية الليلة، ولن أشعر بأي غصة، وهو الشأن الطبيعي مع الناس الطبيعية، ولا أحتاج لأن أذكر الجميع بأنها مباراة. أتمنى ألا يتطور الأمر إلى شيء أسوأ مثلما حدث في السودان والقاهرة، ولا أتوقف مثل بعض الأصدقاء القراء من الطرفين الذين أرادوها حربا في التاريخ بينما الكرة لاعلاقة لها بالتاريخ، فمصر والجزائر كلاهما ليست دولة متقدمة، وإن كانت لدى كل منهما طموحات في التقدم، ولدى جمهور الفريقين الفرصة ليوجه مشاعره إلى مطالبة بالإصلاح، ومواجهة الفساد والبطالة والتخلف، ليس في الأمر مثالية إذا قلنا للفريقين وقبلهما المشجعين ''العبوا مع بعض''، وأذكر السادة المشجعين أن يشجعوا في مباراة وليس في حرب، فلدينا بين جمهور الأهلي والزمالك صراعا تاريخيا في الكرة لم ينته أبدا، ولم يتوقف من سنوات، ويكاد يصل إلى درجة التصادم، لكنه لم ينته إلى حرب أهلية. وأضافت الجريدة، أن الجزائر بلد شقيق، وأن مصر والجزائر تحتاجان بعضهما في مواجهة العالم الذي يفرض معارك دبلوماسية في مجلس الأمن والأمم المتحدة لا يجوز أن تظل العلاقة متهافتة، وحسنا فعل بعض المسؤولين بمصر الذين اعتذروا للجزائر عن محاولات صبيانية لإلغاء أسماء الجزائر من شوارع مصرية أو محاولات جزائرية لفعل ذلك، مع أن اسم الجزائر لم يوجد على شوارع مصر في مباراة، بل في حروب وعلاقات مصيرية، لقد حزن الجزائريون بعد هزيمة جوان 76 بشكل جعلهم يرتدون الحداد، وتعاطف المصريون مع الجزائر طوال الوقت، كان عصر الكبار وعلينا ألا ننسى كل هذا بسبب 90 دقيقة تذهب وتجيء، وأظن أننا نقدر مشاعر بعض المصريين والجزائريين الذين أخذوها على قلوبهم واعتبروها حربا، لكني لا يمكن أن نتصور كل هذا الغل والحقد والشحن والدعوة للحرب، والإساءة لشهداء الجزائر، أو للفن والحضارة المصرية أمر مرفوض لأن الفن والثقافة في مصر والجزائر والشهداء هم وحدهم الذين قدموا كل ما هو يدعو إلى الفخر.