تشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ فترة توترا كبيرا شبيها بالضغط الذي يولد الانفجار، مباشرة بعد تسجيل الجزائر لموقف مشرف باقتراح مشروع قانون على مستوى البرلمان يجرم الاستعمار، وما تبعه من تصريحات خطيرة لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الداعية إلى تنحية أجيال الثورة في السلطة واتهامها بعرقلة العلاقات بين البلدين كنوع من التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للبلاد.. هذه الترهات دفعت لتحرك كبير للجالية الجزائرية بالخارج المشكلة من مثقفين وأكاديميين وحتى مسؤولين في الحكومة الفرنسية من أجل رفع دعاوى قضائية ضد فرنسا ورئيس حزب الجبهة الوطنية المعارض جون ماري لوبان الذي لم يتوان عن الإساءة للجزائر والإسلام. وتحركت الجالية الجزائريةبفرنسا على جبهتين ضد فرنسا وهي المرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث تعمل جبهة المثقفين والأكاديميين وتنظيمات من المجتمع المدني من أجل مباشرة إجراءات رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الدولية لتجريم الاستعمار الفرنسي، في الوقت الذي قررت جمعية الفضاء الفرنسي رفع قضية استعجالية أمام محكمة نونتار ضد حزب الجبهة الوطنية لجون ماري لوبان لمنعه من تعليق ملصقات في إطار حملته الانتخابية مسيئة للإسلام والجزائر. وبادرت الجمعية التي يترأسها رئيس بلدية بونوي بفرنسا آكلي مولولي والتي تضم توقيع عشرين شخصية جزائرية معروفة من بينهم المحامي خالد لصبر، إلى رفع دعوى ضد لوبان بتهمة القذف، مطالبين القضاء الفرنسي بالتدخل لمنع ملصقات وضعها حزب الجبهة الوطنية المعارض في فرنسا لكسب أصوات خلال الاستحقاقات الجهوية المقررة في 14 من مارس الجاري بفرنسا. وتحمل الملصقات التي علقت في مقاطعة ألب كوت دازو شعارات معادية للإسلام والجزائر، من خلال تصوير امرأة ترتدي جلبابا وخارطة فرنسا بألوان ورموز العلم الجزائري ورسم منارات شبيهة بالصواريخ ومعنونة بشعار لا اللإسلاموفوبيا''، الأمر الذي أثار حفيظة الجالية الجزائرية بالخارج وسط صمت مطبق للدبلوماسية الجزائريةبفرنسا، في ظل التماطل في تأسيس المجلس الاستشاري للجالية الجزائرية بالخارج. وفي المقابل يسعى الجزائريون المقيمون بفرنسا إلى فتح فروع للجنة بالمدن الكبيرة لتكون منطلقًا لخطوات في الميدان، الهدف منها الحصول على دعم أكبر عددٍ من الفرنسيين لرفع دعاوى قضائية مرتقبة ترفع أمام محاكم دولية لدفع الدولة الفرنسية إلى تقديم تعويضات مادية عن سنوات الاستعمار. ولقي المسعى تعاطفًا من طرف تنظيمات بالمجتمع المدني المحلي وأحزاب مثل الخضر والحزب الشيوعي الفرنسي. وتفيد المعطيات أن 63 منظمة وجمعية أيّدت الفكرة، وعبرت عن رغبتها في الانخراط في مسار قانوني يتوقع أن يكون طويلا ومضنيا، نهايته ستكون شكوى أمام المحاكم في أوروبا، حيث تعتزم إرغام فرنسا على دفع تعويضات لضحايا الاستعمار كأفراد، وللدولة الجزائرية أيضًا. وتتكون اللجنة من أكاديمية المجتمع المدني الجزائري، التي يرأسها احمد شنة رئيس اللجنة الوطنية لتجريم الإستعمار، واتحاد الكتاب الجزائريين والاتحاد الطلابي الحر والاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، وتَمّ تأسيس الجنة تجريم الاستعمارب، في أسابيع قليلة بعد الكشف عن مقترح قانون لتجريم الاستعمار، وضعه 125 نائبًا بمكتب البرلمان الجزائري تمهيدًا لمناقشته والمصادقة عليه.