أعطى محمد قرن على هامش توقيعه مساء أول أمس، كتابه الجديد ''رسالة إلى هذا الأب الذي قد يكون أنت'' بمقر اتحاد الكتاب الجزائريين، عدة مؤشرات تؤكد بأن السلطات الفرنسية تعمل جاهدة لإخفاء الجرائم التي ارتكبتها ضد الإنسانية إبان فترة احتلال الجزائر، وعلى هذا، يقول قرن، فإن أي اعتذارات في الوقت الحالي تبقى مستبعدة خصوصا أن بعض الأطراف الفرنسية لاتزال تضمر الحقد للجزائريين وهو ما تجلى في حملة الانتخابات الإقليمية الفرنسية الأخيرة، حيث أقدم زعيم اليمين المتطرف جون ماري لوبان على توظيف لافتات دعائية مهينة للإسلام والجزائر· كما اعتبر قرن في حديثه إلينا بأن فظاعة ووحشية الجرائم التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الفرنسي جعلت من باريس مترددة في الاستجابة لمطالب الاعتذار ''وعلى هذا أصدرت هذا الكتاب حتى تتعرف أجيال الاستقلال على حقيقة الاستعمار الفرنسي ووحشيته وتطالب بالتعويض عن تلك الجرائم التي كانت تستهدف الوجود الجزائري''، مضيفا أن ''الاعتذار لا يعني فقط التعويض المادي، بل يجب تحقيق المصالحة التاريخية بين الجزائر وفرنسا بالدرجة الأولى''· وفي السياق ذاته، أكد محمد قرن بأن ما كتب عن الثورة الجزائرية يبقى دون المستوى ولم يعكس حقيقية ماحدث· وذهب أبعد من ذلك حين قال ''أعتقد جازما بأن التاريخ الجزائري الذي كتب لغاية الآن يبقى مجرد صفحة بيضاء لم تقدم للأجيال حقيقة وعظمة ثورة التحرير''· وهنا طالب قرن ضحايا الاحتلال الفرنسي والمجاهدين الذين لايزالون على قيد الحياة بالتكلم وكشف الحقيقة للأجيال، لأن الثورة والتاريخ الجزائري ''ليس مجرد إصدار كتب بين الحين والآخر وبيعها في السوق، بل هي ذاكرة شعب بأكمله''·على صعيد آخر، سرد قرن لنا بعضا مما جاء في كتابه ''رسالة إلى هذا الأب الذي قد يكون أنت'' الصادر بفرنسا، وقال إنه حاول فيه تصوير جرائم الاحتلال الفرنسي من خلال قصه والدته التي اغتصبها جنود الاحتلال ونكلوا بها، ومضى يسرد لنا كيف تربى يتيما بعد استشهاد والده، ورحلته بحثا عن أمه التي أصيبت بالجنون بعد حادثة الاغتصاب، ليجدها سنة 1988 بمقبرة سيدي يحي بالعاصمة، أين كانت تسكن بجوار الموتى· وبنبرة حزينة، قال قرن إنه تربى ب''دار اليتامى'' مدة 22 سنة، ووجد نفسه في الشارع بعدما أزيلت الدار عقب الاستقلال ''استفاد كل من كان في الدار من سكنات إلا أنا، وحاولت مرارا الاتصال بوزارة المجاهدين لتسوية وضعيتي إلا أنهم قالوا لي نحن بصدد معاجلة ملف المجاهدين المزيفين وأوقفنا منح السكنات لمثل حالاتك''· وأمام هذا الوضع كشف محدثنا بأنه يشعر بالتهميش في بلده، حيث قال ''كأني لست جزائريا·· أحس بأني حركي أو قدم سوداء''·من ناحية أخرى، كشف قرن بأنه لايزال يدفع منذ 21 سنة أتعاب المحامين من جيبه في نزاعاته القضائية ضد السلطات الفرنسية لاسترداد حقه بعد الجريمة التي استهدفت والدته، وآخرها، كانت في مطلع شهر مارس الجاري، أين رفع دعوى قضائية ضد وزارة الدفاع الفرنسية· وهنا طالب السلطات الجزائرية بتبني قضيته التي تمثل قضية الشعب الجزائري برمته، على حد تعبيره·